للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَعْيَانِ، أَمْكَنَ إِبْقَاؤُهَا (١) قَدِيمَةَ الصُّورَةِ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِحَالَتُهَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُشَاهَدَةِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قِدَمُ أَعْيَانِهَا حَصَلَ الْمَطْلُوبُ.

وَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُمْكِنٌ دُونَ هَذَا، كَانَ مُكَابَرَةً.

وَإِنْ قِيلَ: الْمُوجِبُ لِاسْتِحَالَتِهَا حَرَكَةُ الْأَفْلَاكِ.

قِيلَ: مِنَ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ إِمْكَانُ تَحَرُّكِ الْأَفْلَاكِ (٢) دُونَ اسْتِحَالَةِ الْعَنَاصِرِ، كَمَا أَمْكَنَ تَحَرُّكُ الْفَلَكِ الْأَعْلَى دُونَ اسْتِحَالَةِ الثَّانِي. وَتَقْدِيرُ اسْتِحَالَةِ الْفَلَكِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَبَقَائِهِمَا (٣) ، كَتَقْدِيرِ اسْتِحَالَةِ الْعَنَاصِرِ وَبَقَائِهَا، لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ (٤) دُونَ الْآخَرِ. فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى أَمْرٍ خَارِجٍ يَتَعَلَّقُ بِالْمَفْعُولَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَشِيئَةِ الْفَاعِلِ وَحِكْمَتِهِ.

وَهَذَا لَا رَيْبَ فِيهِ، فَإِنَّنَا لَا نُنَازِعُ أَنَّ فِعْلَ الشَّيْءِ يُوجِبُ (٥) فِعْلَ لَوَازِمِهِ، وَيُنَافِي وُجُودَ أَضْدَادِهِ، وَأَنَّ الْحِكْمَةَ الْمَطْلُوبَةَ مِنْ فِعْلِ شَيْءٍ، قَدْ يَكُونُ لَهَا شُرُوطٌ وَمَوَانِعُ. فَالْخَالِقُ الَّذِي اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ إِحْدَاثَ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ وَالْمَعَادِنِ، اقْتَضَتْ أَنْ تُنْقَلَ مَوَادُّهَا (٦) مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ. وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الْجِسْمَيْنِ حَقِيقَةٌ اقْتَضَتِ


(١) ب (فَقَطْ) : بَقَاؤُهَا.
(٢) ا، ب: الْفَلَكِ.
(٣) ن، م، ا: وَبَقَاؤُهَا؛ ب: وَبَقَاؤُهُمَا: وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.
(٤) ن (فَقَطْ) : لِذَاتِهَا.
(٥) ن، م: مُوجِبٌ.
(٦) ن، م: مَوَارِدُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>