للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا حَمْلُهُ إِلَى عِنْدِ يَزِيدَ (١) . فَبَاطِلٌ. وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ (٢) . .

وَعَمُّهُ يَزِيدُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ هُوَ مِنَ الصَّحَابَةِ، تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، فَلَمَّا مَاتَ وَلَّى مُعَاوِيَةَ مَكَانَ أَخِيهِ. وَعُمَرُ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِأَحْوَالِ الرِّجَالِ، وَأَحْذَقِهِمْ فِي السِّيَاسَةِ، وَأَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْهَوَى، لَمْ يُولِّ فِي خِلَافَتِهِ أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَخْتَارُ لِلْوِلَايَةِ مَنْ يَرَاهُ أَصْلَحَ لَهَا ; فَلَمْ يُوَلِّ مُعَاوِيَةَ إِلَّا وَهُوَ عِنْدُهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَارَةِ.

ثُمَّ لَمَّا تُوُفِّيَ (٣) زَادَ عُثْمَانُ فِي وِلَايَةِ مُعَاوِيَةَ، حَتَّى جَمَعَ لَهُ الشَّامَ. وَكَانَتِ الشَّامُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ: فِلَسْطِينَ، وَدِمَشْقَ، وَحِمْصَ، وَالْأُرْدُنَّ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فُصِلَتْ قِنَّسْرِينَ وَالْعَوَاصِمَ مِنْ رُبْعِ حِمْصَ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا عُمِّرَتْ حَلَبُ وَخُرِّبَتْ قِنَّسْرِينُ، وَصَارَتِ الْعَوَاصِمُ دُوَلًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ.

وَأَقَامَ مُعَاوِيَةُ نَائِبًا عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ عِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ تَوَلَّى عِشْرِينَ سَنَةً، وَرَعِيَّتُهُ شَاكِرُونَ لِسِيرَتِهِ وَإِحْسَانِهِ، رَاضُونَ بِهِ، حَتَّى أَطَاعُوهُ فِي مِثْلِ قِتَالِ عَلِيٍّ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ أَبِيهِ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ أَحَقَّ بِالْجَوَازِ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهِ، فَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ تَحِلُّ وِلَايَتُهُ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ غَيْرَهُ كَانَ


(١) م: إِلَى يَزِيدَ
(٢) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي " الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ " ٨/١٩٢: " وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَهَا فِي رَأْسِ الْحُسَيْنِ هَلْ سَيَّرَهُ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى يَزِيدَ أَمْ لَا، عَلَى قَوْلَيْنِ، وَالْأَظْهَرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ سَيَّرَهُ إِلَيْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ ". وَانْظُرِ " الْبِدَايَةَ وَالنِّهَايَةَ " ٨/١٩١ - ١٩٨
(٣) ن، م: ثُمَّ لَمَّا تَوَلَّى عُثْمَانُ. وَفِي (م) شَطْبٌ عَلَى كَلِمَةِ " عُثْمَانَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>