للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَقَّ بِالْوِلَايَةِ مِنْهُ، أَوْ أَنَّهُ مِمَّنْ (١) يَحْصُلُ بِهِ مَعُونَةٌ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ فِيهِ ظُلْمٌ، لَكَانَ الشَّرُّ الْمَدْفُوعُ بِوِلَايَتِهِ أَعْظَمَ مِنَ الشَّرِّ الْحَاصِلِ بِوِلَايَتِهِ.

وَأَيْنَ أَخْذُ الْمَالِ، وَارْتِفَاعُ بَعْضِ الرِّجَالِ، مِنْ قَتْلِ الرِّجَالِ الَّذِينَ قُتِلُوا بِصِفِّينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عِزٌّ وَلَا ظَفَرٌ؟ !

فَدَلَّ هَذَا وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أَشَارُوا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا حَازِمِينَ. وَعَلِيٌّ إِمَامٌ مُجْتَهِدٌ، لَمْ يَفْعَلْ إِلَّا مَا رَآهُ مَصْلَحَةً.

لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ الْكَوَائِنَ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ إِقْرَارَهُ عَلَى الْوِلَايَةِ أَصْلَحُ لَهُ مِنْ حَرْبِ صِفِّينَ، الَّتِي لَمْ يَحْصُلْ بِهَا إِلَّا زِيَادَةُ الشَّرِّ وَتَضَاعُفُهُ، لَمْ يَحْصُلْ بِهَا مِنَ الْمَصْلَحَةِ شَيْءٌ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ أَكْثَرَ خَيْرًا وَأَقَلَّ شَرًّا مِنْ مُحَارَبَتِهِ، وَكُلُّ مَا يُظَنُّ فِي وِلَايَتِهِ مِنَ الشَّرِّ، فَقَدْ كَانَ فِي مُحَارَبَتِهِ أَعْظَمُ مِنْهُ.

وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ كَثِيرٌ مِمَّا يُبَيِّنُ جَهْلَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ الْأُمُورَ الْمُسْتَقْبَلَةَ، بَلِ الرَّافِضَةُ تَدَّعِي الْأُمُورَ الْمُتَنَاقِضَةَ: يَدَّعُونَ عَلَيْهِ عِلْمَ الْغَيْبِ، مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُنَافِيَةِ لِذَلِكَ، وَيَدَّعُونَ لَهُ مِنَ الشَّجَاعَةِ مَا يَزْعُمُونَ مَعَهُ أَنَّهُ كَانَ هُوَ الَّذِي يَنْصُرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَغَازِيهِ، وَهُوَ الَّذِي قَامَ (٢) . الْإِسْلَامَ بِسَيْفِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مَعَ ضَعْفِ الْإِسْلَامِ.

ثُمَّ يَذْكُرُونَ مِنْ عَجْزِهِ عَنْ مُقَاوَمَةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ ضَعْفِهِ عِنْدَهُمْ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ ; فَإِنَّ


(١) م: فَإِنَّهُ مِمَّنْ. .
(٢) ب: أَقَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>