للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ أَنَّ طُرُقَ الْعِلْمِ مُتَعَدِّدَةٌ، وَقَدْ يُغْنِي اللَّهُ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ تِلْكَ الطُّرُقِ الْمُعَيَّنَةِ، بَلْ عَنِ النَّظَرِ بِعُلُومٍ ضَرُورِيَّةٍ تَحْصُلُ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَتِ الْعِبَادَةُ قَدْ تُعِدُّ النَّفْسَ لِتِلْكَ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ حَتَّى تُحَصِّلَ إِلْهَامًا. وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ يَحْتَاجُونَ إِلَى النَّظَرِ. أَوْ إِلَى تِلْكَ الطُّرُقِ: إِمَّا لِعَدَمِ مَا يَحْصُلُ لِغَيْرِهِمْ، وَإِمَّا لِشُبَهٍ عَرَضَتْ لَهُمْ لَا (١) تَزُولُ إِلَّا بِالنَّظَرِ.

وَكَذَلِكَ [كَثِيرٌ] (٢) مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي تَعْرِضُ لِبَعْضِ السَّالِكِينَ (٣) : مِنَ (٤) الصَّعْقِ وَالْغَشْيِ وَالِاضْطِرَابِ عِنْدَ الذِّكْرِ وَسَمَاعِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، وَمِنَ الْفَنَاءِ عَنْ شُهُودِ الْمَخْلُوقَاتِ، بِحَيْثُ يَصْطَلِمُ (٥) وَيَبْقَى لَا يَشْهَدُ قَلْبُهُ إِلَّا اللَّهَ، حَتَّى يَغِيبَ بِمَشْهُودِهِ عَنْ نَفْسِهِ. فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَجْعَلُ هَذَا لَازِمًا لَا بُدَّ لِكُلِّ مَنْ سَلَكَ (٦) مِنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ هُوَ الْغَايَةَ وَلَا مَقَامَ وَرَاءَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَحُ فِي هَذَا، وَيَجْعَلُهُ مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ تُنْقَلْ عَنِ الصَّحَابَةِ.

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ [يَقَعُ] (٧) لِبَعْضِ السَّالِكِينَ بِحَسَبِ قُوَّةِ الْوَارِدِ


(١) م: وَلَا. .
(٢) كَثِيرٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) .
(٣) ن، م، الْمَسَاكِينِ، س: الْمَشَاكِينِ.
(٤) ن، م، س: فِي.
(٥) قَالَ ابْنُ عَرَبِيٍّ فِي " اصْطِلَاحَاتِ الصُّوفِيَّةِ " الْوَارِدَةِ فِي الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ (ط. مَعَ التَّعْرِيفَاتِ لِلْجُرْجَانِيِّ) : " الِاصْطِلَامُ: نَوْعُ وَلَهٍ يَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ فَيَسْكُنُ تَحْتَ سُلْطَانِهِ ". وَقَالَ الْقَاشَانِيُّ فِي كِتَابِهِ " اصْطِلَاحَاتِ الصُّوفِيَّةِ " ص ٣٠ (ط. الْهَيْئَةِ الْعَامَّةِ لِلْكِتَابِ تَحْقِيقِ الدُّكْتُور مُحَمَّد كَمَال جَعْفَر، الْقَاهِرَةِ ١٩٨١) : " الِاصْطِلَامُ هُوَ الْوَلَهُ الْغَالِبُ عَلَى الْقَلْبِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْهَيَمَانِ "
(٦) ن، م، س: سَالَ وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(٧) يَقَعُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>