للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ، وَضَعْفِ الْقَلْبِ عَنِ التَّمْكِينِ بِحُبِّهِ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ: قَدْ يَكُونُ لِكَمَالِ قُوَّتِهِ وَكَمَالِ إِيمَانِهِ، وَقَدْ يَكُونُ لِضَعْفِ إِيمَانِهِ، مِثْلَ كَثِيرٍ مِنَ الْبَطَّالِينَ وَالْفُسَّاقِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ الطُّرُقِ، بَلْ قَدْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ السَّالِكِينَ، وَلَيْسَ هُوَ الْغَايَةَ، بَلْ كَمَالُ الشُّهُودِ ; بِحَيْثُ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَالْخَالِقِ، وَيَشْهَدُ مَعَانِيَ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَلَا يَشْغَلُهُ هَذَا عَنْ (١) هَذَا - هُوَ أَكْمَلُ فِي الشُّهُودِ، وَأَقْوَى فِي الْإِيمَانِ. وَلَكِنْ مَنْ عَرَضَ لَهُ تِلْكَ الْحَالُ [الَّتِي تَعْرِضُ] (٢) احْتَاجَ إِلَى مَا يُنَاسِبُهَا. وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ تَعَرُّفَ مَرْتَبَةِ الْخَوَارِقِ وَأَنَّهَا عِنْدَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ، وَيُحِبُّونَ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فِي مَرْتَبَةِ الْوَسَائِلِ الَّتِي يُسْتَعَانُ بِهَا، كَمَا يُسْتَعَانُ بِغَيْرِ الْخَوَارِقِ، فَإِنْ لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَيْهَا - اسْتِغْنَاءً بِالْمُعْتَادَاتِ - لَمْ يَتَلَفَّتُوا إِلَيْهَا. وَأَمَّا عِنْدَ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَتَّبِعُ هَوَاهُ وَيُحِبُّ الرِّيَاسَةَ عِنْدَ الْجُهَّالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهِيَ عِنْدَهُمْ أَعْلَى الْمَقَاصِدِ.

كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ لَيْسَ مَقْصُودُهُمْ بِهِ إِلَّا تَحْصِيلَ رِيَاسَةٍ أَوْ مَالٍ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهُ، فَهُوَ (٣) مَقْصُودٌ عِنْدَهُمْ لِمَنْفَعَتِهِ (٤) لَهُمْ، وَحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. كَمَا قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فِي صِفَةِ الْعِلْمِ: إِنَّ (٥) طَلَبَهُ لِلَّهِ عِبَادَةٌ، وَمُذَاكَرَتَهُ


(١) ب: عَنْهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) الَّتِي تَعْرِضُ: زِيَادَةٌ فِي (م)
(٣) ن، م، س: وَهُوَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٤) ن، م، س: لِمَنْفَعَةٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٥) ن، س: بِأَنَّ، م: بِأَنَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>