للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُقَالُ: صَحِبَهُ سَاعَةً وَصَحِبَهُ سَنَةً وَشَهْرًا فَتَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَإِذَا أُطْلِقَتْ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ لَمْ يَجُزْ تَقْيِيدُهَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ؛ بَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ سَائِرِ مَوَارِدِ الِاسْتِعْمَالِ.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ مُجَرَّدَ رُؤْيَةِ الْإِنْسَانِ لِغَيْرِهِ لَا تُوجِبُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ صَحِبَهُ وَلَكِنْ إِذَا رَآهُ عَلَى وَجْهِ الِاتِّبَاعِ لَهُ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَالِاخْتِصَاصِ بِهِ (١) ، وَلِهَذَا لَمْ يُعْتَدَّ بِرُؤْيَةِ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهُ رُؤْيَةَ مَنْ قَصَدَهُ لِأَنْ يُؤْمِنَ بِهِ، وَيَكُونَ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَأَعْوَانِهِ الْمُصَدِّقِينَ لَهُ، فِيمَا أَخْبَرَ (٢) الْمُطِيعِينَ لَهُ فِيمَا أَمَرَ الْمُوَالِينَ لَهُ الْمُعَادِينَ لِمَنْ عَادَاهُ الَّذِي هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَكُلِّ شَيْءٍ.

وَامْتَازَ (٣) [أَبُو بَكْرٍ] عَنْ سَائِرِ (٤) الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ رَآهُ وَهَذِهِ حَالُهُ مَعَهُ فَكَانَ صَاحِبًا لَهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

وَدَلِيلٌ ثَانٍ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «وَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ إِخْوَانِي " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ قَالَ: " بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانِي الَّذِينَ يَأْتُونَ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي» " (٥) .


(١) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(٢) م: فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ.
(٣) ب: وَامْتَازَا، وَهُوَ خَطَأٌ
(٤) ن، م، س: وَامْتَازُوا عَنْ سَائِرِ. .، ب: وَامْتَازَا عَنْ سَائِرِ. . وَالْكَلَامُ نَاقِصٌ؛ وَلَعَلَّ مَا أُثْبِتُهُ تَسْتَقِيمُ بِهِ الْعِبَارَةُ.
(٥) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>