للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ: " إِخْوَانِي " أَرَادَ بِهِ: إِخْوَانِي الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَصْحَابِي (١) ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَزِيَّةُ الصُّحْبَةِ (٢) ، ثُمَّ قَالَ: " «قَوْمٌ يَأْتُونَ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي» "؛ فَجَعَلَ هَذَا حَدًّا فَاصِلًا بَيْنَ إِخْوَانِهِ الَّذِينَ وَدَّ أَنْ يَرَاهُمْ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ آمَنَ بِهِ وَرَآهُ، فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ (٣) لَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْإِخْوَانِ الَّذِينَ لَمْ يَرَهُمْ وَلَمْ يَرَوْهُ.

فَإِذَا عُرِفَ أَنَّ الصُّحْبَةَ اسْمُ جِنْسٍ تَعُمُّ قَلِيلَ الصُّحْبَةِ وَكَثِيرَهَا، وَأَدْنَاهَا أَنْ يَصْحَبَهُ زَمَنًا قَلِيلًا فَمَعْلُومٌ أَنَّ الصِّدِّيقَ فِي ذُرْوَةِ سَنَامِ الصُّحْبَةِ، وَأَعْلَى مَرَاتِبِهَا فَإِنَّهُ صَحِبَهُ مِنْ حِينِ بَعْثِهِ (٤) اللَّهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَقَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ، كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ وَمِنَ الصِّبْيَانِ عَلِيٌّ وَمِنَ الْمَوَالِي زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَتَنَازَعُوا فِي أَوَّلِ مَنْ نَطَقَ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ خَدِيجَةَ، فَإِنْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَسْلَمَ قَبْلَ عَلِيٍّ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَسْبَقُ صُحْبَةً كَمَا كَانَ أَسْبَقَ إِيمَانًا، وَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ أَسْلَمَ قَبْلَهُ فَلَا رَيْبَ أَنَّ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ أَكْمَلَ وَأَنْفَعَ لَهُ مِنْ صُحْبَةِ عَلِيٍّ وَنَحْوِهِ؛ فَإِنَّهُ شَارَكَهُ فِي الدَّعْوَةِ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أَكَابِرُ أَهْلِ الشُّورَى (٥) ، كَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ


(١) ن، س، ب: أَصْحَابِيَ
(٢) م: مَزِيدُ الصُّحْبَةِ، س، ب: مَزِيَّةٌ فِي الصُّحْبَةِ.
(٣) م: مِنَ الصَّحَابَةِ
(٤) ن: فَإِنَّهُ بَعَثَهُ مِنْ حِينِ بَعْثِهِ. . .، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٥) م: الشَّكَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>