للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَلَّمَ، وَغَزَا تَبُوكَ سَنَةَ تِسْعٍ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قِتَالٌ: غَزَا فِيهَا النَّصَارَى بِالشَّامِ وَفِيهَا أَنْزَلَ اللَّهُ (١) سُورَةَ بَرَاءَةَ، وَذَكَرَ فِيهَا الْمُخَلَّفِينَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٨٣] .

وَأَمَّا مُؤْتَةُ فَكَانَتْ سَرِيَّةً قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» " (٢) ، وَكَانَتْ بَعْدَ عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ وَقَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَإِنَّ جَعْفَرًا حَضَرَ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ، وَتَنَازَعَ هُوَ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ فِي بِنْتِ حَمْزَةَ قَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَسْمَاءَ امْرَأَةِ جَعْفَرٍ خَالَةِ الْبِنْتِ، وَقَالَ: " «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» " (٣) ، وَلَمْ يَشْهَدْ زَيْدٌ وَلَا جَعْفَرٌ وَلَا ابْنُ رَوَاحَةَ فَتَحَ مَكَّةَ ; لِأَنَّهُمُ اسْتُشْهِدُوا قَبْلَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ.

وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنَ الْآيَةِ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [سُورَةُ الْفَتْحِ: ١٦] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مُتَّصِفُونَ بِأَنَّهُمْ أُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَبِأَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ، أَوْ يُسْلِمُونَ قَالُوا: فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَعَاهُمْ (٤) إِلَى قِتَالِ أَهْلِ مَكَّةَ وَهَوَازِنَ عُقَيْبَ عَامِ الْفَتْحِ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ دُعُوْا إِلَيْهِمْ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فَهُوَ مِنْ جِنْسِهِمْ لَيْسَ هُوَ أَشَدَّ بَأْسًا مِنْهُمْ كُلُّهُمْ عَرَبٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَقِتَالُهُمْ مَنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَأَهْلُ مَكَّةَ وَمَنْ


(١) لَفْظُ الْجَلَالَةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي (س) ، (ب)
(٢) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٢٧٨
(٣) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٣٤.
(٤) ن، س، ب: أَنْ يَكُونَ دُعَاءُهُمْ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>