للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ عَامَ الْفَتْحِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لَمْ يُسْلِمُوا وَلَمْ يُقَاتَلُوا، لَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ أَسْلَمُوا.

وَهَؤُلَاءِ هُمُ الرُّومُ وَالْفُرْسُ وَنَحْوُهُمْ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِتَالِهِمْ إِذَا لَمْ يُسْلِمُوا، وَأَوَّلُ الدَّعْوَةِ إِلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ عَامَ مُؤْتَةَ وَتَبُوكَ، وَعَامَ تَبُوكَ لَمْ يُقَاتِلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُسْلِمُوا، لَكِنْ فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ وَالْفَارُوقِ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ: إِمَّا الْإِسْلَامُ وَإِمَّا الْقِتَالُ، وَبَعْدَ الْقِتَالِ أَدَّوُا الْجِزْيَةَ لَمْ يُصَالِحُوا ابْتِدَاءً كَمَا صَالَحَ الْمُشْرِكُونَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَتَكُونُ دَعْوَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ دَاخِلَةً فِي الْآيَةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِتَالَ عَلِيٍّ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ الْآيَةُ (١) ، فَإِنَّ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ لَمْ يَكُونُوا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ أَعْظَمَ مِنْ بَأْسِ أَصْحَابِهِ، بَلْ كَانُوا مِنْ جِنْسِهِمْ، وَأَصْحَابُهُ كَانُوا أَشَدَّ بَأْسًا.

وَأَيْضًا فَهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُقَاتِلُونَ، أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُسْلِمِينَ.

وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ (٢) : " «حَرْبُكَ حَرْبِي» " لَمْ يَذْكُرْ لَهُ إِسْنَادًا، فَلَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، فَكَيْفَ وَهُوَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ؟ .

وَمِمَّا يُوَضِّحُ الْأَمْرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ نُزُولِ " بَرَاءَةَ " وَآيَةِ الْجِزْيَةِ كَانَ الْكُفَّارُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ تَارَةً يُقَاتِلُهُمْ، وَتَارَةً يُعَاهِدُهُمْ فَلَا يُقَاتِلُهُمْ وَلَا يُسْلِمُونَ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ " بَرَاءَةَ " وَأَمَرَهُ فِيهَا بِنَبْذِ


(١) ن، م: لَمْ يَتَنَاوَلِ الْآيَةَ.
(٢) ن، م، س: وَمَنْ ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ وَقَوْلِهِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>