للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَهْدِ (١) إِلَى الْكُفَّارِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ أَهْلَ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، صَارَ حِينَئِذٍ مَأْمُورًا بِأَنْ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى قِتَالِ مَنْ لَا بُدَّ مِنْ قِتَالِهِمْ، أَوْ إِسْلَامِهِمْ (٢) ، وَإِذَا قَاتَلَهُمْ قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعَاهِدَهُمْ بِلَا جِزْيَةٍ، كَمَا [كَانَ] (٣) (٤) يُعَاهِدُ الْكُفَّارَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا عَاهَدَ أَهْلَ مَكَّةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَفِيهَا دَعَا الْأَعْرَابَ إِلَى قِتَالِهِمْ، وَأُنْزِلَ فِيهَا سُورَةُ الْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ دَعَا الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ فِيهَا: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [سُورَةُ الْفَتْحِ: ١٦] بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ دَعَاهُمْ إِلَيْهِمْ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى قِتَالِهِمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ بِخِلَافِ أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ.

وَالثَّانِي: أَنَّكُمْ تُقَاتِلُونَهُمْ، أَوْ يُسْلِمُونَ لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تُصَالِحُوهُمْ وَلَا تُعَاهِدُوهُمْ بِدُونِ أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، كَمَا قَاتَلَ أَهْلَ مَكَّةَ وَغَيْرَهُمْ، وَالْقِتَالُ إِلَى أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.

وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ هَؤُلَاءِ أُولِي الْبَأْسِ (٥) لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ يُعَاهِدُونَ بِلَا جِزْيَةٍ، فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ أَوْ يُسْلِمُونَ وَمَنْ يُعَاهِدُ بِلَا جِزْيَةٍ لَهُ (٦) حَالٌ ثَالِثٌ: لَا يُقَاتَلُ فِيهَا وَلَا يُسْلِمُ، وَلَيْسُوا أَيْضًا مِنْ جِنْسِ الْعَرَبِ الَّذِينَ " (* قُوتِلُوا قَبْلَ ذَلِكَ.


(١) م: الْعُهُودِ
(٢) س، ب: قِتَالِهِمْ وَإِسْلَامِهِمْ
(٣) كَانَ: زِيَادَةٌ فِي (ب)
(٤) م: أُولِي بِأْسٍ شَدِيدٍ. .
(٥) ن، م، س: فَإِنَّهُ.
(٦) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>