حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي وُجُوبِ غَزْوِ الْكُفَّارِ مَعَ جَمِيعِ الْأُمَرَاءِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ أَفْضَلُ مَنْ غَزَا الْكُفَّارَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ مِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَهُ الْكُفَّارَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكُونُ إِلَّا ظَالِمًا فَاجِرًا مُعْتَدِيًا، لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ حَيْثُ وَعَدَ عَلَى طَاعَتِهِ بِأَنْ يُؤْتِي أَجْرًا حَسَنًا، وَوَعَدَ عَلَى التَّوَلِّي عَنْ طَاعَتِهِ (١) بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ.
وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِالْآيَةِ عَلَى عَدْلِ الْخُلَفَاءِ ; لِأَنَّهُ وَعَدَ بِالْأَجْرِ الْحَسَنِ عَلَى مُجَرَّدِ الطَّاعَةِ إِذَا دَعَوْا إِلَى الْقِتَالِ، وَجَعَلَ الْمُتَوَلِّي عَنْ ذَلِكَ كَمَا تَوَلَّى مِنْ قَبْلُ مُعَذَّبًا عَذَابًا أَلِيمًا.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَمِيرَ الْغَازِيَ إِذَا كَانَ فَاجِرًا لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي الْقِتَالِ مُطْلَقًا، بَلْ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَالْمُتَوَلِّي عَنْ طَاعَتِهِ لَا يَتَوَلَّى كَمَا تَوَلَّى عَنْ طَاعَةِ الرَّسُولِ بِخِلَافِ الْمُتَوَلِّي عَنْ طَاعَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ تَوَلَّى كَمَا تَوَلَّى مِنْ قَبْلُ إِذَا كَانَ أَمْرُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مُطَابِقًا لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي الْجُمْلَةِ فَهَذَا الْمَوْضِعُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ وَدِقَّةٌ، وَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَيْهِ فَفِي غَيْرِهِ مَا يُغْنِي عَنْهُ.
(١) م: وَوَعَدَ عَلَى التَّوَلِّي مِنْ طَاعَتِهِ، س: وَوَعَدَ عَلَى الْمُتَوَلِّي عَنْ طَاعَتِهِ، ب: وَوَعَدَ الْمُتَوَلِّي عَنْ طَاعَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute