للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْظَمُ ذَنْبًا، وَدُعَاؤُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ وَقِتَالُهُمْ أَفْضَلُ، إِنْ قُدِّرَ أَنَّ الَّذِينَ قَاتَلُوا عَلِيًّا كُفَّارٌ.

وَإِنْ قِيلَ: هُمْ مُرْتَدُّونَ، كَمَا تَقَوَّلَهُ الرَّافِضَةُ.

فَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ إِلَى أَنْ يُؤْمِنَ بِرَسُولٍ آخَرَ غَيْرِ مُحَمَّدٍ كَأَتْبَاعِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ فَهُوَ أَعْظَمُ رِدَّةً مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ بِطَاعَةِ الْإِمَامِ مَعَ إِيمَانِهِ بِالرَّسُولِ.

فَبِكُلِّ حَالٍ لَا يُذْكَرُ ذَنْبٌ لِمَنْ قَاتَلَهُ عَلِيٌّ إِلَّا وَذَنْبُ مَنْ قَاتَلَهُ الثَّلَاثَةُ أَعْظَمُ، وَلَا يُذْكَرُ فَضْلٌ وَلَا ثَوَابٌ لِمَنْ قَاتَلَ مَعَ عَلِيٍّ إِلَّا وَالْفَضْلُ وَالثَّوَابُ لِمَنْ قَاتَلَ مَعَ الثَّلَاثَةِ أَعْظَمُ.

هَذَا بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَاتَلَهُ عَلِيٌّ كَافِرًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ لَا يَقُولُهُ إِلَّا حُثَالَةُ الشِّيعَةِ، وَإِلَّا فَعُقَلَاؤُهُمْ لَا يَقُولُونَ ذَلِكَ، وَقَدْ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ عَنْ عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُكَفِّرُونَ مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا سُلِّمَ أَنَّ ذَلِكَ الْقِتَالَ كَانَ مَأْمُورًا بِهِ، كَيْفَ وَقَدْ عُرِفَ نِزَاعُ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ بِعْدَهُمْ فِي هَذَا الْقِتَالِ هَلْ كَانَ مِنْ بَابِ قِتَالِ الْبُغَاةِ الَّذِي وُجِدَ فِي شَرْطِ وُجُوبِهِ الْقِتَالُ فِيهِ (١) ، أَمْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ الْمُوجِبِ لِلْقِتَالِ.

وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ قِتَالَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْقِتَالِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَأَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ مِنَ الدُّخُولِ فِيهِ، بَلْ عَدُّوهُ قِتَالَ فِتْنَةٍ.


(١) ن: الَّذِي وُجِدَ فِي شَرْطِ وُجُوبِ الْقِتَالِ فِيهِ، س، ب: الَّذِي وُجِدَ شَرْطُ وُجُوبِ الْقِتَالِ فِيهِ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>