للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيَّامًا مُتَعَدِّدَةً عَجَزَ فِيهَا عَنِ الصَّلَاةِ (* بِالنَّاسِ أَيَّامًا، فَمَنِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الْأَيَّامَ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ؟ وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ قَطُّ: لَا صَادِقٌ *) (١) وَلَا كَاذِبٌ: أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ، لَا عُمَرُ وَلَا عَلِيٌّ وَلَا غَيْرُهُمَا، وَقَدْ صَلَّوْا جَمَاعَةً، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ بِهِمْ كَانَ أَبَا بَكْرٍ.

وَمِنَ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا مُمْتَنِعٌ عَادَةً وَشَرْعًا، فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِإِذْنِهِ.

كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَثَبَتَ أَنَّهُ رُوجِعَ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَمَرْتَ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ؟ فَلَامَ مَنْ رَاجَعَهُ، وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الْمُنْكَرِ الَّذِي أَنْكَرَهُ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِذَلِكَ هُوَ أَبُو بَكْرٍ لَا غَيْرُهُ.

كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا لِأَبِي بَكْرٍ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، أَوْ يَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» " (٢) .

وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: «قَالَتْ عَائِشَةُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ذَاكَ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ، فَأَسْتَغْفِرَ لَكِ وَأَدْعُوَ لَكِ " فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَاثَكْلَتَاهُ، وَاللَّهِ إِنِّي لِأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَظَلَلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَارَأْسَاهُ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ


(١) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(٢) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ ١/٤٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>