للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ، أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ، وَيَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ» " (١) .

وَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِيهِ هَمُّهُ بِأَنْ يَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا بِالْخِلَافَةِ ; لِئَلَّا يَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا (٢) أَوْلَى، ثُمَّ قَالَ: " «يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ» " فَلَمَّا عَلِمَ الرَّسُولُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَخْتَارُ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ، وَالْمُؤْمِنُونَ لَا يَخْتَارُونَ إِلَّا إِيَّاهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ عَنِ الْكِتَابِ، فَأَبْعَدَ اللَّهُ مَنْ لَا يَخْتَارُ مَا اخْتَارَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ.

وَقَدْ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ فِي مَرَضِهِ، (* «قَالَ لِعَائِشَةَ: " ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ» وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمَّا اشْتَكَتْ عَائِشَةُ: " «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنَّ أَكُتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا» " (٣) .

ثُمَّ إِنَّهُ عَزَمَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِي مَرَضِهِ *) (٤) عَلَى الْكِتَابِ مَرَّةً أُخْرَى، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " «يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ، اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَجَعُ، فَقَالَ: " ائْتُونِي بِكَتِفٍ أَكُتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا " فَتَنَازَعُوا وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ هَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ، فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: " ذَرُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ " فَأَمَرَهُمْ بِثَلَاثٍ، فَقَالَ: " أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ " وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَ: فَنَسِيتُهَا» " (٥) .


(١) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ ١/٤٩٦ - ٤٩٧
(٢) م: لِئَلَّا يَقُولَ الْقَائِلُ: إِنِّي. .
(٣) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ ١/٤٩٢
(٤) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(٥) م: أَوْ قَالَهَا فَنَسِيَهَا، س: أَوْ قَالَ فَنَسِيَهَا. وَانْظُرْ مَا سَبَقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>