للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اثْنَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَنْعَقِدُ بِبَيْعَةِ وَاحِدٍ، فَلَيْسَتْ هَذِهِ أَقْوَالَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ (١) .

بَلِ الْإِمَامَةُ عِنْدَهُمْ تَثْبُتُ بِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الشَّوْكَةِ عَلَيْهَا، وَلَا يَصِيرُ الرَّجُلُ إِمَامًا حَتَّى يُوَافِقَهُ أَهْلُ الشَّوْكَةِ عَلَيْهَا (٢) الَّذِينَ يَحْصُلُ بِطَاعَتِهِمْ لَهُ مَقْصُودُ الْإِمَامَةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْإِمَامَةِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ، فَإِذَا بُويِعَ بَيْعَةً حَصَلَتْ بِهَا الْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ صَارَ إِمَامًا.

وَلِهَذَا قَالَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ (٣) : مَنْ صَارَ لَهُ قُدْرَةٌ وَسُلْطَانٌ يَفْعَلُ بِهِمَا (٤) مَقْصُودَ الْوِلَايَةِ، فَهُوَ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ مَا لَمْ يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَالْإِمَامَةُ مُلْكٌ وَسُلْطَانٌ، وَالْمُلْكُ لَا يَصِيرُ مُلْكًا بِمُوَافَقَةِ وَاحِدٍ وَلَا اثْنَيْنِ وَلَا أَرْبَعَةٍ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُوَافَقَةُ هَؤُلَاءِ تَقْتَضِي مُوَافَقَةَ غَيْرِهِمْ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُلْكًا بِذَلِكَ. وَهَكَذَا كُلُّ أَمْرٍ يَفْتَقِرُ إِلَى الْمُعَاوَنَةِ عَلَيْهِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِحُصُولِ مَنْ يُمْكِنُهُمُ التَّعَاوُنُ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا لَمَّا بُويِعَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (٥) وَصَارَ مَعَهُ شَوْكَةٌ صَارَ إِمَامًا.

وَلَوْ كَانَ جَمَاعَةٌ فِي سَفَرٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ فِي سَفَرٍ إِلَّا أَنْ يُؤَمِّرُوا


(١) انْظُرِ الْكَلَامَ عَمَّا يَصِحُّ بِهِ عَقْدُ الْإِمَامَةِ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِأَبِي الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيِّ، ص [٠ - ٩]- ٧، الْقَاهِرَةُ، ١٢٩٨؛ الْفِصَلِ لِابْنِ حَزْمٍ ٥/١٣ - ١٨؛ مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ، ٢/١٣٣، أُصُولِ الدِّينِ، ص ٢٨٠ - ٢٨١.
(٢) عَلَيْهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٣) أ، ب: أَئِمَّةُ السُّنَّةِ.
(٤) ن، م، أ: بِهِ.
(٥) ن، م: عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>