للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِينَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بَلْ هَذَا فِي الْأَجْسَامِ الْعُنْصُرِيَّةِ دُونَ الْفَلَكِيَّةِ، وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَرِسْطُو وَالْقُدَمَاءِ.

وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ لَا يَذْكُرُ إِلَّا هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، وَلِهَذَا كَانَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إِلَّا هَذِهِ الْمُصَنَّفَاتِ لَا يَعْرِفُ إِلَّا هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُقَلَاءِ وَأَكْثَرُ طَوَائِفِ النُّظَّارِ: أَنَّهُ لَيْسَ مُرَكَّبًا لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ كُلَّابٍ إِمَامِ الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْهِشَامِيَّةِ، وَالنَّجَّارِيَّةِ (١) وَالضِّرَارِيَّةِ (٢) .


(١) النَّجَّارِيَّةِ هُمْ أَتْبَاعُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّجَّارِ، وَلَسْنَا نَعْرِفُ تَارِيخَ مَوْلِدِهِ وَوَفَاتِهِ وَلَكِنَّ ابْنَ النَّدِيمِ يَذْكُرُ فِي الْفِهْرِسْتِ (ص [٠ - ٩] ٧٩) أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبِ الْعِلَّةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ عِنْدَمَا أَفْحَمَهُ النَّظَّامُ فِي جِدَالٍ جَرَى بَيْنَهُمَا، فَيَكُونُ بِذَلِكَ مُعَاصِرًا لِلنَّظَّامِ الَّذِي تُوُفِّيَ حَوَالِي ٢٣١ عَلَى الْأَرْجَحِ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الشَّهْرَسْتَانِيَّ يَعُدُّهُ مِنَ الْمُجْبِرَةِ إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ إِنَّهُ يُوَافِقُ الصِّفَاتِيَّةِ فِي خَلْقِ الْأَعْمَالِ، بَلْ يُذْكَرُ أَنَّهُ قَالَ بِالْكَسْبِ عَلَى حَسَبِ مَا يُثْبِتُهُ الْأَشْعَرِيُّ مِنْ بَعْدِهِ. وَالنَّجَارِيَّةِ يُوَافِقُونَ الْمُعْتَزِلَةَ فِي نَفْيِ الصِّفَاتِ، وَفِي الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ وَاجِبَةٌ بِالْعَقْلِ قَبْلَ وُرُودِ السَّمْعِ، وَيَعُدُّهُمُ الْأَشْعَرِيُّ مِنَ الْمُرْجِئَةِ، وَيَنْقُلُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ عَنِ الْكَعْبِيِّ قَوْلَهُ: إِنَّ النَّجَّارَ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْبَارِئَ تَعَالَى بِكُلِّ مَكَانٍ وُجُودًا لَا عَلَى مَعْنَى الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ. انْظُرْ مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ ١/١٩٩ - ٢٠٠، ٣١٥ - ٣١٦ ; الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ ١/٨١ - ٨٢ ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص ١٢٦ - ١٢٧ ; أُصُولَ الدِّينِ لِابْنِ طَاهِرٍ، ص ٣٣٤ ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص [٠ - ٩] ١ - ٦٢ ; الْفِهْرِسْتَ لِابْنِ النَّدِيمِ، ص ١٧٩ - ١٨٠ ; اللُّبَابَ لِابْنِ الْأَثِيرِ، ٣/٢١٥ ; الْأَعْلَامَ لِلزِّرِكْلِيِّ ٢/٢٧٦.
(٢) أ، ب: الصِّرَارِيَّةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَالضِّرَارِيَّةِ هُمْ أَتْبَاعُ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو (انْظُرْ لِسَانَ الْمِيزَانِ ٣/٢٠٣) وَحَفْصِ الْفَرْدِ (انْظُرْ لِسَانَ الْمِيزَانِ ٢/٣٣٠ - ٣٣١ ; الْفِهْرِسْتَ لِابْنِ النَّدِيمِ، ص [٠ - ٩] ٨٠) ، وَهُمْ يُشْبِهُونَ النَّجَّارِيَّةِ فِي الْكَثِيرِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ فَهُمْ يَنْفُونَ الصِّفَاتِ وَيَقُولُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَيُبْطِلُونَ الْقَوْلَ بِالتَّوَلُّدِ، وَلَكِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الْمَعْرِفَةِ بِالْعَقْلِ قَبْلَ وُرُودِ السَّمْعِ انْظُرْ: الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ ١/٨٢ - ٨٣ ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [٠ - ٩] ٢٩ - ١٣٠ ; أُصُولَ الدِّينِ لِابْنِ طَاهِرٍ، ص [٠ - ٩] ٣٩ - ٣٤٠ ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ ص [٠ - ٩] ٢ - ٦٣ ; مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ ١/٣١٣ - ٣١٤ ; التَّنْبِيهَ وَالرَّدَّ لِلْمَلْطِيِّ، ص ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>