للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ هَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَنْتَهِي بِالتَّقْسِيمِ إِلَى جُزْءٍ لَا يَتَجَزَّأُ، كَقَوْلِ الشَّهْرَسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ لَا يَزَالُ قَابِلًا لِلِانْقِسَامِ إِلَى أَنْ يَصْغُرَ فَيَسْتَحِيلَ مَعَهُ (١) تَمْيِيزُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ، كَمَا قَالَ ذَلِكَ مَنْ قَالَ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ نُظَّارِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَهُ مِنْ أَسَاطِينِ الْفَلَاسِفَةِ، مَعَ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إِنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ.

وَبَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ فِي الْكَلَامِ يَجْعَلُ إِثْبَاتَ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ هُوَ قَوْلُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّ نَفْيَهُ هُوَ قَوْلُ الْمُلْحِدِينَ.

وَهَذَا لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَعْرِفُوا مِنَ الْأَقْوَالِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا وَجَدُوهُ فِي كُتُبِ شُيُوخِهِمْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ فِي الدِّينِ الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ، كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ (٢) ; وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ: حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ


(١) أ، ب: مَعَ، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ.
(٢) نَقْلَ السُّيُوطِيُّ فِي كِتَابِهِ " صَوْنِ الْمَنْطِقِ وَالْكَلَامِ عَنْ فَنِّ الْمَنْطِقِ وَالْكَلَامِ " عَنِ الْهَرَوِيِّ فِي كِتَابِهِ ذَمِّ الْكَلَامِ مَا أُورَدُهُ فِي بَابِ إِنْكَارِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ مَا أَحْدَثَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي الدِّينِ مِنْ أَصْحَابِ الْكَلَامِ وَالشُّبَهِ وَالْمُجَادَلَةِ، وَمِمَّا وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ هَذِهِ الْعِبَارَةُ لِأَبِي يُوسُفَ (صَوْنِ الْمَنْطِقِ، ص [٠ - ٩] ٠) وَلَكِنْ جَاءَ فِيهَا: مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ، وَوَرَدَتْ نَفْسُ الْعِبَارَةِ قَبْلَ ذَلِكَ (ص [٠ - ٩] ٧) مَنْسُوبَةً إِلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>