للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ الْأَثَرُ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، بَلْ هُوَ شَيْءٌ (١) مُنْفَصِلٌ عَنْهُمَا.

وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ كَمَالَ الشَّيْءِ هُوَ مِنْ نَفْسِ الشَّيْءِ وَدَاخِلٌ فِيهِ، فَالْوَاجِبُ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ وَاجِبًا إِنْ لَمْ يَكُنْ مَا هُوَ دَاخِلٌ (٢) فِي نَفْسِهِ وَاجِبَ الْوُجُودِ لَا يَفْتَقِرُ فِيهِ إِلَى سَبَبٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ، فَمَتَى افْتَقَرَ فِيمَا هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ إِلَى سَبَبٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ لَمْ تَكُنْ نَفْسُهُ وَاجِبَةً بِنَفْسِهِ، وَمَا لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي نَفْسِهِ، لَا يَكُونُ مِنْ كَمَالِهِ أَيْضًا، بَلْ يَكُونُ شَيْئًا مُبَايِنًا لَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا وَاجِبٌ بِنَفْسِهِ وَالْآخَرُ شَيْءٌ قُرِنَ بِهِ وَضُمَّ إِلَيْهِ.

وَأَيْضًا، فَنَفْسُ وَاجِبِ الْوُجُودِ هُوَ أَكْمَلُ الْمَوْجُودَاتِ، إِذِ الْوَاجِبُ أَكْمَلُ مِنَ الْمُمْكِنِ بِالضَّرُورَةِ، فَكُلُّ كَمَالٍ مُمْكِنٌ لَهُ: إِنْ كَانَ لَازِمًا لَهُ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ كَمَالُهُ مُسْتَفَادًا مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَنْ (٣) يَحْتَاجَ فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَابِلًا لَهُ مِنْ قَبُولِ غَيْرِهِ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ لَهُ، كَانَ الْمُمْكِنُ أَكْمَلَ مِنَ الْوَاجِبِ، وَمَا لَا يَقْبَلُهُ [لَا] (٤) وَاجِبٌ وَلَا مُمْكِنٌ لَيْسَ كَمَالًا ; وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لَهُ وَلَمْ تَكُنْ ذَاتُهُ مُسْتَلْزِمَةً (٥) لَهُ، كَانَ غَيْرُهُ مُعْطِيًا لَهُ إِيَّاهُ، وَالْمُعْطِي لِلْكَمَالِ هُوَ أَحَقُّ بِالْكَمَالِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُعْطِي أَكْمَلَ مِنْهُ، وَوَاجِبُ الْوُجُودِ لَا يَكُونُ غَيْرُهُ أَكْمَلَ مِنْهُ.

وَإِذَا قِيلَ: ذَلِكَ الْغَيْرُ وَاجِبٌ أَيْضًا.


(١) ن، م: بَلْ هُوَ مِنْ شَيْءٍ، وَالصَّوَابُ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٢) ب: إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ دَاخِلًا ; أ: إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ دَاخِلٌ. وَأَحْسَبُ أَنَّ الصَّوَابَ هُوَ الَّذِي أَثْبَتُّهُ عَنْ (ن) ، (م) .
(٣) ب: وَأَنْ.
(٤) لَا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٥) ن، م: لَازِمَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>