للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَكُونُ رَبَّ نَفْسِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ الرَّبُّ نَفْسُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَيْهِ فِي خَلْقِهِ (١) ؛ إِذْ لَوِ احْتَاجَ إِلَيْهِ فِي خَلْقِهِ لَمْ يَخْلُقْهُ حَتَّى يَكُونَ، وَلَا يَكُونُ حَتَّى يَخْلُقَهُ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ الْقَبْلِيُّ لَا الْمَعِيُّ (٢) .

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُؤَثِّرًا فِي نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِي الْمُؤَثِّرِ فِي نَفْسِهِ (* بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَإِذَا قُدِّرَ وَاجِبَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ تَأْثِيرٌ مَا فِي الْآخَرِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُؤَثِّرًا فِي الْمُؤَثِّرِ فِي نَفْسِهِ *) (٣) وَهَذَا مُمْتَنِعٌ [كَمَا تَبَيَّنَ] (٤) ، فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيرُ وَاجِبَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُؤَثِّرٌ فِي الْآخَرِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ بِنَفْسِهِ مُفْتَقِرًا فِي شَيْءٍ مِنْ لَوَازِمِهِ إِلَى غَيْرِهِ، سَوَاءٌ قُدِّرَ أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ مُمْكِنٌ.

وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ امْتِنَاعُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَالَمِ صَانِعَانِ، فَإِنَّ الصَّانِعَيْنِ إِنْ كَانَا مُسْتَقِلَّيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا فَعَلَ الْجَمِيعَ، كَانَ هَذَا مُتَنَاقِضًا [مُمْتَنِعًا] (٥) لِذَاتِهِ، فَإِنَّ فِعْلَ أَحَدِهِمَا لِلْبَعْضِ يَمْنَعُ اسْتِقْلَالَ الْآخَرِ بِهِ، فَكَيْفَ بِاسْتِقْلَالِهِ بِهِ؟ !

وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ (٦) عَلَى امْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ مُؤَثِّرَيْنِ تَامَّيْنِ فِي أَثَرٍ وَاحِدٍ ; لِأَنَّ ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ؛ إِذْ كَوْنُهُ (٧) وُجِدَ بِهَذَا وَحْدَهُ يُنَاقِضُ كَوْنَهُ


(١) ن، م: وَلَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ رَبُّهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فِي خَلْقِهِ.
(٢) ن، م: الْقَبْلِيُّ الْعَلِيُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٤) كَمَا تَبَيَّنَ: سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) مُمْتَنِعًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) ن، م: الْعُلَمَاءُ.
(٧) ن، م: أَوْ كَوْنُهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>