للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجِدَ بِالْآخَرِ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَا مُتَشَارِكَيْنِ مُتَعَاوِنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ (١) مِنْهُمَا مُسْتَغْنِيًا عَنْ فِعْلِ الْآخَرِ وَجَبَ أَنْ يَذْهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ، فَتَمَيَّزَ مَفْعُولُ هَذَا [عَنْ مَفْعُولِ هَذَا] (٢) ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الِارْتِبَاطِ بِهِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلِ الْعَالَمُ كُلُّهُ مُتَعَلِّقٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، هَذَا مَخْلُوقٌ مِنْ هَذَا وَهَذَا [مَخْلُوقٌ] مِنْ هَذَا (٣) ، وَهَذَا مُحْتَاجٌ إِلَى هَذَا مِنْ جِهَةِ كَذَا، وَهَذَا مُحْتَاجٌ إِلَى هَذَا مِنْ جِهَةِ كَذَا، لَا يَتِمُّ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِ الْعَالَمِ إِلَّا بِشَيْءٍ [آخَرَ مِنْهُ] (٤) .

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ فَقِيرٌ إِلَى غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحَاجَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فِعْلٌ لِاثْنَيْنِ، بَلْ كُلُّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَى وَاحِدٍ.

فَالْفَلَكُ الْأَطْلَسُ الَّذِي هُوَ أَعْلَى الْأَفْلَاكِ فِي جَوْفِهِ سَائِرُ الْأَفْلَاكِ، وَالْعَنَاصِرُ وَالْمُوَلَّدَاتُ وَالْأَفْلَاكُ مُتَحَرِّكَاتٌ بِحَرَكَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ [مُخَالِفَةٍ] (٥) لِحَرَكَةِ التَّاسِعِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَرَكَتُهُ هِيَ سَبَبَ تِلْكَ الْحَرَكَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِحَرَكَتِهِ إِلَى (٦) جِهَةٍ أُخْرَى أَكْثَرَ مِمَّا (٧) يُقَالُ: إِنَّ الْحَرَكَةَ الشَّرْقِيَّةَ هُوَ سَبَبُهَا، وَأَمَّا الْحَرَكَاتُ الْغَرْبِيَّةُ فَهِيَ مُضَادَّةٌ لِجِهَةِ حَرَكَتِهِ، فَلَا يَكُونُ هُوَ سَبَبَهَا، [وَهَذَا] (٨) مِمَّا يُسَلِّمُهُ هَؤُلَاءِ (٩)


(١) وَاحِدٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٢) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٣) أ، ب: هَذَا مَخْلُوقٌ مِنْ هَذَا، وَهَذَا مِنْ هَذَا، وَهَذَا مِنْ هَذَا.
(٤) ب: لَا يَتِمُّ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ إِلَّا بِشَيْءٍ.
(٥) مُخَالِفَةٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٦) أ، ب: عَلَى.
(٧) أ، ب: مَا.
(٨) وَهَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٩) كَلَامُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ عَنْ فَلْكِ الْأَطْلَسِ وَسَائِرِ الْأَفْلَاكِ الَّتِي فِي جَوْفِهِ وَحَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ مُتَّصِلٌ بِنَظَرِيَّةِ الْفَلَاسِفَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِنَظَرِيَّةِ الْفَيْضِ أَوِ الصُّدُورِ أَوِ الْعُقُولِ الْعَشَرَةِ. انْظُرْ كَلَامَ الْفَلَاسِفَةِ عَنْهَا فِي: رَسَائِلِ الْكِنْدِيِّ الْفَلْسَفِيَّةِ ١/٢٣٨ - ٢٦١ ; الْفَارَابِيِّ: آرَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْفَاضِلَةِ، ص ٢٤ - ٢٥ (ط. مَكْتَبَةِ الْحُسَيْنِ، ١٣٦٨/١٩٤٨) ; ابْنِ سِينَا: النَّجَاةِ، ٣/٤٤٨ - ٤٥٥ ; الشِّفَاءِ، قِسْمِ الْإِلَهِيَّاتِ ٢/٣٩٣ - ٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>