للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ حُصُولَ الْجَوْهَرِ فِي حُصُولِ الْحَيِّزِ (١) أَمْرٌ ثُبُوتِيٌّ. فَقِيلَ: هَذَا الْحَيِّزُ إِنْ كَانَ مَعْدُومًا فَكَيْفَ يُعْقَلُ حُصُولُ الْجَوْهَرِ فِي الْمَعْدُومِ؟ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَمْرٌ يُشَارُ (٢) إِلَيْهِ. فَهُوَ إِمَّا جَوْهَرٌ وَإِمَّا عَرَضٌ، فَإِنْ كَانَ جَوْهَرًا كَانَ الْجَوْهَرُ حَاصِلًا فِي الْجَوْهَرِ، وَهُوَ قَوْلٌ بِالتَّدَاخُلِ، وَهُوَ مُحَالٌ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُفَسَّرَ ذَلِكَ بِالْمُمَاسَّةِ، وَلَا نِزَاعَ فِيهَا. وَإِنْ كَانَ عَرَضًا فَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْجَوْهَرِ فَكَيْفَ يُعْقَلُ حُصُولُ الْجَوْهَرِ فِيهِ؟ ".

وَقَدْ رَدَّ الطُّوسِيُّ هَذَا فَقَالَ (٣) : " هَذَا غَلَطٌ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاكِ اللَّفْظِ، فَإِنَّ لَفْظَةَ (٤) " فِي " يَدُلُّ فِي قَوْلِنَا: الْجِسْمُ فِي الْجِسْمِ - بِمَعْنَى التَّدَاخُلِ - وَالْجِسْمُ فِي الْمَكَانِ، وَالْعَرَضُ فِي الْجِسْمِ، عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ ; فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْجِسْمِ مَعَ جِسْمٍ آخَرَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَالثَّانِي يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْجِسْمِ فِي الْمَكَانِ، وَالثَّالِثُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْعَرَضِ حَالًّا فِي الْجِسْمِ.

وَالْمَكَانُ هُوَ الْقَابِلُ لِلْأَبْعَادِ الْقَائِمُ بِذَاتِهِ الَّذِي لَا يُمَانِعُ الْأَجْسَامَ عِنْدَ قَوْمٍ، وَعَرَضٌ هُوَ سَطْحُ الْجِسْمِ [الْحَاوِي] (٥) الْمُحِيطُ بِالْجِسْمِ ذِي الْمَكَانِ عِنْدَ قَوْمٍ وَهُوَ بَدِيهِيُّ الْأَيْنِيَّةِ (٦) خَفِيُّ الْحَقِيقَةِ.


(١) فِي " الْمُحَصِّلِ ": فِي الْحَيِّزِ.
(٢) فِي " الْمُحَصِّلِ ": مُشَارٌ.
(٣) مَا يَلِي مِنْ كَلَامِ نَصِيرِ الدِّينِ الطُّوسِيِّ هُوَ مِنْ كِتَابِهِ " تَلْخِيصِ الْمُحَصِّلِ " وَقَدْ طُبِعَ بِذَيْلِ كِتَابِ " الْمُحَصِّلِ ". وَيُوجَدُ هَذَا النَّصُّ فِي ذَيْلِ صَفْحَتَيْ ٦٥ - ٦٦.
(٤) فِي " تَلْخِيصِ الْمُحَصِّلِ ": لَفْظَ.
(٥) كَلِمَةُ " الْحَاوِي " سَاقِطَةٌ مِنْ نُسْخَةِ (ع) وَهِيَ فِي " تَلْخِيصِ الْمُحَصِّلِ ".
(٦) فِي (ع) : الْأَبْنِيَةُ، وَالتَّصْوِيبُ مِنْ " تَلْخِيصِ الْمُحَصِّلِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>