للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعُلِمَ أَنَّ التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ لَا تُوجِبُ تَنْفِيرًا وَلَا تُزِيلُ وُثُوقًا، بِخِلَافِ دَعْوَى الْبَرَاءَةِ مِمَّا يُتَابُ مِنْهُ وَيُسْتَغْفَرُ، [وَدَعْوَى] السَّلَامَةِ (١) . مِمَّا يُحْوِجُ الرُّجُوعَ ب (٢) . إِلَى اللَّهِ وَاللَّجَأَ (٣) . إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُنَفِّرُ الْقُلُوبَ وَيُزِيلُ الثِّقَةَ. فَإِنَّ هَذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ صَدَرَ إِلَّا عَنْ كَذَّابٍ، أَوْ جَاهِلٍ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يَصْدُرُ (٤) . عَنِ الصَّادِقِينَ الْعَالِمِينَ. (٥) . [وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ أَحَدٌ طَعَنَ فِي نُبُوَّةِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا قَدَحَ فِي الثِّقَةِ بِهِ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الَّتِي تِيبَ مِنْهَا، وَلَا احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى تَأْوِيلِ النُّصُوصِ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ التَّحْرِيفِ لَهَا، كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَالتَّوْرَاةُ فِيهَا قِطْعَةٌ مِنْ هَذَا، وَمَا أَعْلَمُ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدَحُوا فِي نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِتَوْبَتِهِ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَقْدَحُونَ فِيهِمْ بِالِافْتِرَاءِ عَلَيْهِمْ كَمَا كَانُوا يُؤْذُونَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِلَّا فَمُوسَى قَدْ قَتَلَ الْقِبْطِيَّ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَتَابَ مِنْ سُؤَالِ الرُّؤْيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ، وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُدِحَ فِيهِ بِمِثْلِ هَذَا.

وَمَا جَرَى فِي سُورَةِ " النَّجْمِ " مِنْ قَوْلِهِ: تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى، وَإِنَّ شَفَاعَتَهَا لَتُرْتَجَى، عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ، ثُمَّ نَسَخَهُ اللَّهُ وَأَبْطَلَهُ (٦) ، هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُفْتَرَيَاتِ عَلَى قَوْلِ


(١) ب، ا، ن، م: وَالسَّلَامَةِ
(٢) ، ا: إِلَى الرُّجُوعِ
(٣) ب، ا: وَالِالْتِجَاءَ
(٤) ن (فَقَطْ) : يُصِرُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(٥) بَعْدَ الْقَوْسِ الْمَعْقُوفِ يُوجَدُ نَصٌّ طَوِيلٌ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وَيَنْتَهِي ص ٤٥١، وَسَنُشِيرُ إِلَى نِهَايَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
(٦) سَبَقَ ذِكْرُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ لِقِصَّةِ الْغَرَانِيقِ ١/٦٥١ وَأَشَرْتُ هُنَاكَ (ت [٠ - ٩] ) إِلَى كَلَامِ الطَّبَرِيِّ عَنْهَا فِي تَفْسِيرِهِ لِلْآيَتَيْنِ ٥٢، ٥٣ مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ. انْظُرْ: الدُّرَّ الْمَنْثُورَ لِلسُّيُوطِيِّ. وَكِتَابَ " نَصْبِ الْمَجَانِيقِ لِنَسْفِ قِصَّةِ الْغَرَانِيقِ " لِلْأُسْتَاذِ الشَّيْخِ مُحَمَّد نَاصِر الدَّيْنِ الْأَلْبَانِيِّ، ط. الْمَكْتَبِ الْإِسْلَامِيِّ، دِمَشْقَ ١٣٧٢/١٩٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>