للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرْكِ مَا لَمْ يَزَلْ يَقُولُ إِنَّهُ حَقٌّ (١) . . وَإِذَا كَانَ جَائِزًا فَهَذَا أَوْلَى، وَإِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ فَفِي هَذَا أَيْضًا مَصَالِحُ عَظِيمَةٌ، وَلَوْلَا أَنَّ فِيهَا وَفِي الْعِلْمِ بِهَا مَصَالِحَ لِعِبَادِهِ لَمْ يَقُصَّهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ - وَلَهُ الْحَمْدُ - لَمْ يُذْكَرْ عَنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ذَنْبًا إِلَّا ذَكَرَ مَعَهُ تَوْبَتَهُ لِيُنَزِّهَهُ عَنِ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ، وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ ارْتَفَعَتْ مَنْزِلَتُهُ وَعَظُمَتْ دَرَجَتُهُ وَعَظُمَتْ حَسَنَاتُهُ وَقَرَّبَهُ إِلَيْهِ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي فَعَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِيَكُونَ ذَلِكَ أُسْوَةً لِمَنْ يَتَّبِعُ الْأَنْبِيَاءَ وَيَقْتَدِي بِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَلِهَذَا لَمَّا لَمْ يَذْكُرْ عَنْ يُوسُفَ تَوْبَةً فِي قِصَّةِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ دَلَّ عَلَى أَنَّ يُوسُفَ لَمْ يُذْنِبْ أَصْلًا، فِي تِلْكَ الْقِصَّةِ كَمَا يَذْكُرُ مَنْ يَذْكُرُ أَشْيَاءَ نَزَّهَهُ اللَّهُ مِنْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [سُورَةُ يُوسُفَ: ٢٤] ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [سُورَةُ يُوسُفَ: ٢٤] . وَالْهَمُّ - كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَمَّانِ، هَمُّ خَطِرَاتٍ وَهَمُّ إِصْرَارٍ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً فَإِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَّاي» " (٢) .


(١) فِي الْأَصْلِ: حَقًّا، وَهُوَ خَطَأٌ
(٢) لَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَكِنْ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: الْبُخَارِيِّ ٨ (كِتَابُ الرِّقَاقِ، بَابُ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ سَيِّئَةٍ) ; مُسْلِمٍ ١/١١٨ (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ إِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِحَسَنَةٍ. . إِلَخْ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ح [٠ - ٩] رَقْمُ ٣٤٠٢ وَنَصُّهُ (وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ) : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قَالَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ". وَفِي نَفْسِ الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِنَفْسِ الْمَعْنَى - انْظُرْ أَيْضًا الْمُسْنَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) الْأَرْقَامُ: ٢٠٠١، ٢٥١٩، ٢٥٢١، ٢٨٢٨، ٣٤٠٢، ٧١٩٥، ٧٢٩٤. وَانْظُرْ: سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ ٤/٣٣٠ (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، وَمِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>