للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه

وقال أبو يزيد ما دام العبد يظن أن في الخلق من هو شر منه فهو متكبر فقيل له فمتى يكون متواضعاً قال إذا لم ير لنفسه مقاماً ولا حالاً وتواضع كل إنسان على قدر معرفته بربه عز وجل ومعرفته بنفسه

وقال أبو سليمان لو اجتمع الخلق على أن يضعوني كاتضاعي عند نفسي ما قدروا عليه

وقال عروة بن الورد التواضع أحد مصايد الشرف وكل نعمة محسود عليها صاحبها إلا التواضع

وقال يحيى بن خالد البرمكي الشريف إذا تنسك تواضع والسفيه إذا تنسك تعاظم

وقال يحيى بن معاذ

التكبر على ذي التكبر عليك بماله تواضع ويقال التواضع في الخلق كلهم حسن وفي الأغنياء أحسن والتكبر في الخلق كلهم قبيح وفي الفقراء أقبح ويقال لا عز إلا لمن تذلل لله عز وجل ولا رفعة إلا لمن تواضع لله عز وجل ولا أمن إلا لمن خاف الله عز وجل ولا ربح إلا لمن ابتاع نفسه من الله عز وجل

وقال أبو علي الجوزجاني

النفس معجونة بالكبر والحرص والحسد فمن أراد الله تعالى هلاكه منع منه التواضع والنصيحة والقناعة وإذا أراد الله تعالى به خيراً لطف به في ذلك فإذا هاجت في نفسه نار الكبر أدركها التواضع من نصرة الله تعالى وإذا هاجت نار الحسد في نفسه أدركتها النصيحة مع توفيق الله عز وجل وإذا هاجت في نفسه نار الحرص أدركتها القناعة مع عون الله عز وجل

وعن الجنيد رحمه الله أنه كان يقول يوم الجمعة في مجلسه لولا أنه رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال يكون في آخر الزمان زعيم القوم أرذلهم // حديث يكون في آخر الزمان زعيم القوم أرذلهم أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة إذا اتخذ الفيء دولا الحديث {وفيه} كان زعيم القوم أرذلهم الحديث وقال غريب وله من حديث علي بن أبي طالب إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء فذكر منها وكان زعيم القوم أرذلهم ولأبي نعيم في الحلية من حديث حذيفة من اقتراب الساعة اثنان وسبعون خصلة فذكرها منها وفيهما فرج بن فضالة ضعيف

ما تكلمت عليكم وقال الجنيد أيضاً التواضع عند أهل التوحيد تكبر ولعل مراده أن التواضع يثبت نفسه ثم يضعها والموحد لا يثبت نفسه ولا يراها شيئاً حتى يضعها أو يرفعها

وعن عمرو بن شيبة قال كنت بمكة بين الصفا والمروة فرأيت رجلاً راكباً بغلة وبين يديه غلمان وإذا هم يعنفون الناس قال ثم عدت بعد حين فدخلت بغداد فكنت على الجسر فإذا أنا برجل حاف حاسر طويل الشعر قال فجعلت أنظر إليه وأتأمله فقال لي مالك تنظر إلي فقلت له شبهتك برجل رأيته بمكة ووصفت له الصفة فقال له أنا ذلك الرجل فقلت ما فعل الله بك فقال إني ترفعت في موضع يتواضع فيه الناس فوضعني الله حيث يترفع الناس

وقال المغيرة كنا نهاب إبراهيم النخعي هيبة الأمير وكان يقول إن زماناً صرت فيه فقيه الكوفة لزمان سوء

وكان عطاء السلمي إذا سمع صوت الرعد قام وقعد وأخذه بطنه كأنه امرأة ماخض وقال هذا من أجلي يصيبكم لو مات عطاء لاستراح الناس

وكان بشر الحافي يقول سلموا على أبناء الدنيا بترك السلام عليهم

ودعا رجل لعبد الله بن المبارك فقال أعطاك الله ما ترجوه فقال إن الرجاء يكون بعد المعرفة فأين المعرفة وتفاخرت قريش عند سلمان الفارسي رضي الله عنه يوماً فقال سلمان لكنني خلقت من نطفة قذرة ثم أعود جيفة منتنة ثم أتى الميزان فإن ثقل فأنا كريم وإن خف فأنا لئيم وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وجدنا الكرم في التقوى والغنى في اليقين والشرف في التواضع نسأل الله الكريم حسن التوفيق

بَيَانُ حَقِيقَةِ الْكِبْرِ وَآفَتِهِ

اعْلَمْ أَنَّ الْكِبْرَ يَنْقَسِمُ إِلَى بَاطِنٍ وَظَاهِرٍ فَالْبَاطِنُ هُوَ خُلُقٌ في النفس والظاهر هو أعمال تصدر عن الجوارح

واسم الكبر بالخلق الباطن أحق وأما الأعمال فإنها ثمرات لذلك الخلق

وخلق الكبر موجب للأعمال ولذلك إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>