وكذلك قال عمر أخشى أن تنتفخ حتى تبلغ الثريا للذي استأذنه أن يعظ بعد صلاة الصبح فكأن الإنسان مهما رأى نفسه بهذه العين وهو الاستعظام كبر وانتفخ وتعزز فالكبر عبارة عن الحالة الحاصلة في النفس من هذه الاعتقادات وتسمى أيضاً عزة وتعظماً ولذلك قال ابن عباس في قوله تعالى إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه قال عظيمة لم يبلغوها ففسر الكبر بتلك العظمة ثم هذه العزة تقتضي أعمالاً في الظاهر والباطن هي ثمرات ويسمى ذلك تكبراً فإنه مهما عظم عنده قدره بالإضافة إلى غيره حقر من دونه وازدراه وأقصاه عن نفسه وأبعده وترفع عن مجالسته ومؤاكلته ورأى أن حقه أن يقوم ماثلاً بين يديه إن اشتد كبره فإن كان أشد من ذلك استنكف عن استخدامه ولم يجعله أهلاً للقيام بين يديه ولا بخدمة عتبته فإن كان دون ذلك فأنف من مساواته وتقدم عليه في مضايق الطرق وارتفع عليه في المحافل وانتظر أن يبدأه بالسلام واستبعد تقصيره في قضاء حوائجه وتعجب منه وإن حاج أو ناظر أنف أن يرد عليه وإن وعظ استنكف من القبول وإن وعظ عنف في النصح وإن رد عليه شيء من قوله غضب وإن علم لم يرفق بالمتعلمين واستذلهم وانتهرهم وامتن عليهم واستخدمهم وينظر إلى العامة كأنه ينظر إلى الحمير استجهالاً لهم واستحقاراً والأعمال الصادرة عن خلق الكبر كثيرة وهي أكثر من أن تحصى فلا حاجة إلى تعدادها فإنها مشهورة فهذا هو الكبر وآفته عظيمة وغائلته هائلة وفيه يهلك الخواص من الخلق وقلما ينفك عنه العباد والزهاد والعلماء فضلاً عن عوام الخلق وَكَيْفَ لَا تَعْظُمُ آفَتُهُ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ في قلبه مثقال ذرة من كبر