فإن قلت فقد قال عيسى عليه السلام جودة الثياب خيلاء القلب وقد سئل نبينا صلى الله عليه وسلم عن الجمال في الثياب هل هو من الكبر فقال لا ولكن من سفه الحق وغمص الناس (٢) حديث إن ثابت بن قيس قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني امرؤ حبب إلي الجمال الحديث هو الذي قبله سمي فيه السائل وقد تقدم فعرف أن ميله إلى النظافة وجودة الثياب لا ليتكبر على غيره فإنه ليس من ضرورته أن يكون من الكبر وقد يكون ذلك من الكبر كما أن الرضا بالثوب الدون قد يكون من التواضع وعلامة المتكبر أن يطلب التجمل إذا رآه الناس ولا يبالي إذا انفرد بنفسه كيف كان وعلامة طالب الجمال أن يحب الجمال في كل شيء ولو في خلوته وحتى في سنور داره فذلك ليس من التكبر فإذا انقسمت الأحوال نزل قول عيسى عليه السلام على بعض الأحوال على أن قوله خيلاء القلب يعني قد تورث خيلاء في القلب وقول نبينا صلى الله عليه وسلم إنه ليس من الكبر يعني أن الكبر لا يوجبه ويجوز أن لا يوجبه الكبر ثم يكون هو مورثاً للكبر وبالجملة فالأحوال تختلف في مثل هذا المحبوب الْوَسَطُ مِنَ اللِّبَاسِ الَّذِي لَا يُوجِبُ شُهْرَةً بِالْجَوْدَةِ وَلَا بِالرَّدَاءَةِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غير سرف ولا مخيلة