وكيف يؤدي كما سمع من لا يدري ما سمع فهذا أفحش أنواع الغرور وقد بلي بهذا أهل الزمان ولو اختلط أهل الزمان لم يجدوا شيوخاً إلا الذين سمعوه في الصبا على هذا الوجه مع الغفلة إلا أن للمحدثين في ذلك جاهاً وقبولاً فخاف المساكين أن يشترطوا ذلك فيقل من يجتمع لذلك في حلقهم فينقص جاههم وتقل أيضاً أحاديثهم التي قد سمعوها بهذا الشرط بل ربما عدموا ذلك وافتضحوا فاصطلحوا على أنه ليس يشترط إلا أن يقرع سمعه دمدمة وإن كان لا يدري ما يجري وصحة السماع لا تعرف من قول المحدثين لأنه ليس من علمهم بل من علم علماء الأصول بالفقه وما ذكرناه مقطوع به في قوانين أصول الفقه فهذا غرور هؤلاء ولو سمعوا على الشرط لكانوا أيضاً مغرورين في اقتصارهم على النقل وإفناء أعمارهم في جمع الروايات والأسانيد وإعراضهم عن مهمات الدين ومعرفة معاني الأخبار بل الذي يقصد من الحديث سلوك طريق الآخرة وسالك طريقها ربما يكفيه الحديث الواحد عمره كما روي عن بعض الشيوخ أنه حضر مجلس السماع فكان أول حديث روى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المرء تركه ما لا يعنيه