(٢) حديث تخيروا ليطفكم أرجه ابن ماجة من حديث عائشة وتقدم في النكاح وقال صلى الله عليه وسلم إياكم وخضراء الدمن فقيل وما خضراء الدمن قال المرأة الحسناء في المنبت السوء إياكم وخضراء الدمن تقدم فيه أيضا فهذا أيضاً من النعم ولست أعني به الانتساب إلى الظلمة وأرباب الدنيا بل الانتساب إلى شجرة صلى الله عليه وسلم وإلى أئمة العلماء وإلى الصالحين والأبرار المتوسمين في العلم والعمل فإن قلت فما معنى الفضائل البدنية فأقول لا خفاء بشدة الحاجة إلى الصحة والقوة وإلى طول العمر إذ لا يتم علم وعمل إلا بهما ولذلك قال صلى الله عليه وسلم أفضل السعادات طول العمر في طاعة الله تعالى حديث أفضل السعادة طول العمر في عبادة الله غريب بهذا اللفظ وللترمذي من حديث أبي بكرة أن رجل قال يا رسول الله أي الناس خير قال من طال عمره وحسن عمله وقال حسن صحيح وإنما يستحقر من جملته أمر الجمال فيقال يكفي أن يكون البدن سليماً من الأمراض الشاغلة عن تحري الخيرات ولعمري الجمال قليل الغناء ولكنه من الخيرات أيضا أما في الدنيا فلا يخفي نفعه فيها وأما في الآخرة فمن وجهين {أحدهما} أن القبيح مذموم والطباع عنه نافرة وحاجات الجميل إلى الإجابة أقرب وجاهه في الصدور أوسع فكأنه من هذا الوجه جناح مبلغ كالمال والجاه إذ هو نوع قدرة إذ يقدر الجميل الوجه على تنجيز حاجات لا يقدر عليها القبيح وكل معين على قضاء حاجات الدنيا فمعين على الآخرة بواسطتها والثاني أن الجمال في الأكثر يدل على فضيلة النفس لأن نور النفس إذ أتم إشراقه تأدى إلى البدن فالمنظر والمخبر كثيرا ما يتلازمان ولذلك عول أصحاب الفراسة في معرفة مكارم النفس على هيآت البدن فقالوا الوجه والعين مرآة الباطن ولذلك يظهر فيه أثر الغضب والسرور والغم ولذلك قيل طلاقة الوجه عنوان ما في النفس وقيل ما في الأرض قبيح إلا ووجهه الأحسن ما فيه واستعرض المأمون جيشا فعرض عليه رجل قبيح فاستنطقه فإذا هو ألكن فأسقط اسمه من الديوان وقال الروح إذا أشرقت على الظاهر فصباحة أو على الباطن ففصاحة وهذا ليس له ظاهر ولا باطن وقد قال صلى الله عليه وسلم اطلبوا الخير عند صباح الوجوه