للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صريحة في التفضيل كقوله صلى الله عليه وسلم من أفضل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر (١) وفي الخبر يؤتى بأشكر أهل الأرض فيجزيه الله جزاء الشاكرين ويؤتى بأصبر أهل الأرض فيقال له أما ترضى أن يجزيك كما جزينا هذا الشاكر فيقول نعم يا رب فيقول الله تعالى كلا أنعمت عليه فشكر وابتليتك فصبرت لأضعفن لك الأجر عليه فيعطى أضعاف جزاء الشاكرين (٢) وقد قال الله تَعَالَى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وأما قوله الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر (٣) حديث الجمعة حج المساكين وجهاد المرأة حسن التبعل أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده بالشطر الأول من حديث ابن عباس بسند ضعيف أو الطبراني بالشطر الثاني من حديثه بسند ضعيف أيضا أن امرأة قالت كتب الله الجهاد على الرجال فما يعدل ذلك من أعمالهم من الطاعة قال طاعة أزواجهن وفي رواية ما جزاء غزوة المرأة قال طاعة الزوج الحديث وفيه القاسم بن فياض وثقه أبو داود وضعفه ابن معين وباقي رجاله ثقات (٤) حديث شارب الخمر كعابد الوثن أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة بلفظ مدمن الخمر ورواه بلفظ شارب الحارث بن أبي أسامة من حديث عبد الله بن عمر وكلاهما ضعيف وقال ابن عدي إن حديث أبي هريرة أخطأ فيه محمد بن سليمان بن الأصبهاني (٥) حديث آخر الأنبياء دخولاً الجنة سليمان بن داود لمكان ملكه وآخر أصحابي دخولاً الجنة عبد الرحمن بن عوف لمكان غناه أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث معاذ بن جبل يدخل الأنبياء كلهم قبل داود وسليمان الجنة بأربعين عاما وقال لم يروه إلا شعيب بن خالد وهو كوفي ثقة وروى البزار من حديث أنس أول من يدخل الجنة من أغنياء أمتي عبد الرحمن بن عوف وفيه أغلب بن تميم ضعيف (٦) حديث يدخل سليمان عبد الأنبياء بأربعين خريفا تقدم حديث معاذ قبله ورواه أبو منصوزر الديلمى في مسند الفردوس من رواية دينار عن أنس بن مالك ودينار الحبشي أحد الكذاببين على أنس والحديث منكر (٧) حديث أبواب الجنة كلها مصراعان إلا باب الصبر فإنه باب واحد الحديث لم أجد له أصلا ولا في الأحاديث الواردة في مصاريع أبواب الجنة تفرقة فروى مسلم من حديث أنس في الشفاعة والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وبصرى وفي الصحيحين في خطبة عتبة بن غزوان ولقد ذكرنا أن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام

وكل ما ورد في فضائل الفقر يدل على فضيلة الصبر لأن الصبر حال الفقير والشكر حال الغني فهذا هو المقام الذي يقنع العوام ويكفيهم في الوعظ اللائق والتعريف لما فيه صلاح دينهم

المقام الثاني هو البيان الذي نقصد به تعريف أهل العلم والاستبصار بحقائق الأمور بطريق الكشف


(١) حديث من أفضل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر تقدم
(٢) حديث يؤتى بأشكر أهل الأرض فيجزيه الله جزاء الشاكرين ويؤتى بأصبر أهل الأرض الحديث لم أجد له أصلا
(٣) حديث الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجه من حديث أبي هريرة وقد تقدم فهو دليل على أن الفضيلة في الصبر إذ ذكر ذلك في معرض المبالغة لرفع درجة الشكر فألحقه بالصبر فكان هذا منتهى درجته ولولا أنه فهم من الشرع علو درجة الصبر لما كان إلحاق الشكر به مبالغة في الشكر وهو كقوله صلى الله عليه وسلم الجمعة حج المساكين وجهاد المرأة حسن التبعل
(٤) وكقوله صلى الله عليه وسلم شارب الخمر كعابد الوثن
(٥) وأبداً المشبه به ينبغي أن يكون أعلى رتبة فكذلك قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبْرُ نِصْفُ الإيمان لا يدل على أن الشكر مثله وهو كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ فإن كل ما ينقسم قسمين يسمى أحدهما نصفاً وإن كان بينهما تفاوت كما يقال الإيمان هو العلم والعمل فالعمل هو نصف الإيمان فلا يدل ذلك على أن العمل يساوي العلم
وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء دخولاً الجنة سليمان بن داود عليهما السلام لمكان ملكه وآخر أصحابي دخولاً الجنة عبد الرحمن بن عوف لمكان غناه
(٦) وفي خبر آخر يدخل سليمان بعد الأنبياء بأربعين خريفاً
(٧) وفي الخبر أبواب الجنة كلها مصراعان إلا باب الصبر فإنه مصراع واحد وأول من يدخله أهل البلاء أمامهم أيوب عليه السلام

<<  <  ج: ص:  >  >>