ذلك القرص ما شاء الله ثم يخرج إلى بني إسرائيل فيكون بينهم
وقال يزيد الرقاشي خرج داود ذات يوم بالناس يعظهم ويخوفهم فخرج في أربعين ألفاً فمات منهم ثلاثون ألفاً وما رجع إلا في عشرة آلاف قال وكان له جاريتان اتخذهما حتى إذا جاءه الخوف وسقط فاضطرب قعدتا على صدره وعلى رجليه مخافة أن تتفرق أعضاؤه ومفاصله فيموت
وقال ابن عمر رضي الله عنهما دخل يحيى بن زكريا عليهما السلام بيت المقدس وهو ابن ثمان حجج فنظر إلى عبادهم قد لبسوا مدارع الشعر والصوف ونظر إلى مجتهديهم قد خرقوا التراقي وسلكوا فيها السلاسل وشدوا أنفسهم إلى أطراف بيت المقدس فهاله ذلك فرجع إلى أبويه فمر بصبيان يلعبون فقالوا له يا يحيى هلم بنا لنعلب فقال إني لم أخلق للعب قال فأتى أبويه فسألهما أن يدرعاه الشعر ففعلا فرجع إلى بيت المقدس وكان يخدمه نهاراً ويصبح فيه ليلاً حتى أتت عليه خمس عشرة سنة فخرج ولزم أطواد الأرض وغير ان الشعاب فخرج أبواه في طلبه فأدركاه على بحيرة الأردن وقد أنقع رجليه في الماء حتى كاد العطش يذبحه وهو يقول عزتك وجلالك لا أذوق بارد الشراب حتى أعلم أين مكاني منك فسأله أبواه أن يفطر على قرص كان معهما من شعير ويشرب من ذلك الماء ففعل وكفر عن يمينه فمدح بالبر فرده أبواه إلى بيت المقدس فكان إذا قام يصلي بكى حتى يبكي معه الشجر والمدر ويبكي زكريا عليه السلام لبكائه حتى يغمى عليه فلم يزل يبكي حتى خرقت دموعه لحم خديه وبدت أضراسه للناظرين فقالت له أمه يا بني لو أذنت لي أن أتخذ لك شيئا تواري به أضراسك عن الناظرين فأذن لهما فعمدت إلى قطعتي لبود فألصقتها على خدية فكان إذا قام يصلي بكى فإذا استنقعت دموعه في القطعتين أتت إليه أمه فعصرتهما فإذا رأى دموع تسبل على ذراعي أمه قال اللهم هذه دموعي وهذه أمي وأنا عبدك وأنت أرحم الراحمين قال له زكريا يوما
يا بني إنما سالت ربي أن يهبك لي لتقر عيناي بك فقال يحيى يا أبت أن جبريل عليه السلام أخبرني أن بين الجنة والنار مفازة لا يقطعها إلا كل بكاء
فقال زكريا عليه السلام يا بني فابك
وقال المسيح عليه السلام معاشر الحواريين خشية الله وحب الفردوس يورثان الصبر على المشقة ويباعدان من الدنيا
بحق أقول لكم إن أكل الشعير والنوم على المزابل مع الكلاب في طلب الفردوس قليل
وقيل كان الخليل صلوات الله عليه وسلامه إذا ذكر خطيئته يغشى عليه ويسمع اضطراب قلبه ميلا في ميل فيأتيه جبريل فيقول له ربك يقرئك السلام ويقول هل رأيت خليلا يخاف خليله فيقول يا جبريل إني إذا ذكرت خطيئتي نسيت خلتي فهذه أحوال الأنبياء عليه السلام فدونك والتأمل فيها فإنهم أعرف خلق الله بالله وصفاته صلوات الله عليهم أجمعين وعلى كل عباد الله المقربين وحسبنا الله ونعم الوكيل
بيان أحوال الصحابة والتابعين والسلف والصالحين في شدة الخوف
روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لطائر ليتني مثلك يا طائر ولم أخلق بشرا
وقال أبو ذر رضي الله عنه وددت لو أني شجرة تعضد وكذلك قال طلحة
وقال عثمان رضي الله عنه وددت إني إذا مت لم أبعث
وقالت عائشة رضي الله عنها وددت أني كنت نسيا منسيا
وروى أن عمر رضي الله عنه كان يسقط من الخوف إذا سمع آية من القرآن مغشيا عليه فكان يعاد أياما
وأخذ يوما تبنة من الأرض فقال يا ليتني كنت هذه التبنة يا ليتني لم أك شيئاً مذكورا يا ليتني كنت نسياً منسيا