للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا ليتني لم تلدني أمي

وكان في وجه عمر رضي الله عنه خطان أسودان من الدموع وقال رضي الله عنه من خاف الله لم يشف غيظه ومن اتقى الله لم يصنع ما يريد ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون

ولما قرأ عمر رضي الله عنه {إذا الشمس كورت} وانتهى إلى قوله تعالى {وإذا الصحف نشرت} خر مغشيا عليه

ومر يوما بدار إنسان وهو يصلي ويقرأ سورة {والطور} فوقف يستمع فلما بلغ قوله تعالى إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع نزل عن حماره واستند إلى حائط ومكث زمانا ورجع إلى منزله فمرض شهرا يعوده الناس ولا يدرون ما مرضه

وقال علي كرم الله وجهه وقد سلم من صلاة الفجر وقد علاه كآبة وهو يقلب يده لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلم أر اليوم شيئا يشبههم لقد كانوا يصبحون شعثا صفرا غبرا بين أعينهم أمثال ركب المعزى قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون كتاب الله يراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا ذكروا الله فمادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وهملت أعينهم بالدموع حتى تبل ثيابهم والله فكأن بالقوم باتوا غافلين ثم قام فما رؤي بعد ذلك ضاحكا حتى ضربه ابن ملجم

وقال عمران بن حصين وددت أن أكون رمادا تنسفني الرياح في يوم عاصف

وقال أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

وددت أني كبش فيذبحني أهلي فيأكلون لحمي ويحسون مرقي

وكان علي بن الحسين رضي الله عنه إذا توضأ اصفر لونه فيقولون له أهله ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء فيقول أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم

قال موسى بن مسعود كنا إذا جلسنا إلى الثوري كأن النار قد أحاطت بنا لما نرى من خوفه وجزعه

وقرأ مضر القارئ يوما هذا كتابنا ينطق عليكم بالحقالآية فبكى عبد الواحد بن زيد حتى غشي عليه فلما أفاق قال وعزتك لأعصيتك جهدي أبدا فأعني بتوفيقك على طاعتك

وكان المسور بن مخرمة لا يقوى أن يسمع شيئا من القرآن لشدة خوفه ولقد كان يقرأ عنده الحرف والآية فيصيح الصحية فما يعقل أياما حتى أتى عليه رجل من خثعم فقرأ عليه {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} فقال أنا من المجرمين ولست من المتقين أعد على القول أيها القارئ فأعادها عليه فشهق شهقة فلحق بالآخرة

وقرئ عند يحيى البكاء {ولو ترى إذ وقفوا على ربهم} فصاح صيحة مكث منها مريضا أربعة أشهر يعاد من أطراف البصرة

وقال مالك بن دينار بينما أنا أطوف بالبيت إذا أنا بجويرة متعبدة متعلقة بأستار الكعبة وهي تقول يا رب كم شهوة ذهبت لذاتها وبقيت تبعاتها يا رب أما كان لك أدب وعقوبة إلا النار وتبكى فما زال ذلك مقامها حتى طلع الفجر قال مالك فلما رأيت ذلك وضعت يدي على رأسي صارخا أقول ثكلت مالكا أمه

وروي أن الفضيل رؤي يوم عرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلي المحترقة حتى إذا كادت الشمس تغرب قبض على لحيته ثم رفع رأسه إلى السماء وقال واسوأتاه منك وإن غفرت ثم انقلب مع الناس

وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن الخائفين فقال قلوبهم بالخوف فرحة وأعينهم باكية يقولون كيف نفرح والموت من ورائنا والقبر أمامنا والقيامة موعدنا وعلى جهنم طريقنا وبين يدي الله ربنا موقفنا

<<  <  ج: ص:  >  >>