للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعين سنة

وأنه رفع رأسه يوما ففزع فسقط فانفتق في بطنه فتق وكان يمس جسده في بعض الليلة مخافة أن يكون قد مسخ

وكان إذا أصابتهم ريح أو برق أو غلاء طعام قال هذا من أجلي يصيبهم لو مات عطاء لاستراح الناس

وقال عطاء خرجنا مع عتبة الغلام وفينا كهول وشبان يصلون صلاة الفجر بطهور العشاء قد تورمت أقدامهم من طول القيام وغارت أعينهم في رءوسهم ولصقت جلودهم على عظامهم وبقيت العروق كأنها الأوتار يصبحون كأن جلودهم قشور البطيخ وكأنهم قد خرجوا من القبور يخبرون كيف أكرم الله المطيعين وكيف أهان العاصين فبينما هم يمشون إذ مر أحد بمكان فخر مغشيا عليه فجلس أصحابه حوله يبكون في يوم شديد البرد وجبينه يرشح عرقا فجاءوا بماء فمسحوا وجهه فأفاق وسألوه عن أمره فقال إني ذكرت أني كنت عصيت الله في ذلك المكان

وقال صالح المري قرأت على رجل من المتعبدين {يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا} فصعق ثم أفاق فقال زدني يا صالح فإني أجد غما فقرأت {كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها} فخر ميتا

وروى أن زرارة بن أبي أوفى صلى بالناس الغداة فلما قرأ {فإذا نقر في الناقور} خر مغشيا عليه فحمل ميتا

ودخل يزيد الرقاشي على عمر بن عبد العزيز فقال عظني يا يزيد فقال يا أمير المؤمنين اعلم أنك لست أول خليفة يموت فبكى ثم قال زدني قال يا أمير المومنين ليس بينك وبين آدم أب إلا ميت فبكى ثم قال زدني يا يزيد فقال يا أمير المؤمنين ليس بينك وبين الجنة والنار منزل فخر مغشيا عليه

وقال ميمون بن مهران لما نزلت هذه الآية {وإن جهنم لموعدهم أجمعين} صاح سلمان الفارسي ووضع يده على رأسه وخرج هاربا ثلاثة أيام لا يقدرون عليه (١)

ورأى داود الطائي امرأة تبكي على رأس قبر ولدها وهي تقول يا ابناه ليت شعري أي خديك بدأ به الدود أولا فصعق داود وسقط مكانه

وقيل مرض سفيان الثوري فعرض دليله على طبيب ذمي فقال هذا رجل قطع الخوف كبده ثم جاء وجس عروقه ثم قال ما علمت أن في الملة الحنيفية مثله

وقال أحمد بن حنبل رحمة الله عليه سألت الله عز وجل إن يفتح علي بابا من الخوف ففتح فخفت على عقلي فقلت يا رب على قدر ما أطيق فسكن قلبي

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فوالذي نفسي بيده لو يعلم العلم أحدكم لصرخ حتى ينقطع صوته وصلى حتى ينكسر صلبه وكأنه أشار إلى معنى قوله صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرا (٢)

وقال العنبري اجتمع أصحاب الحديث على باب الفضيل بن عياض فاطلع عليهم من كوة وهو يبكي ولحيته ترجف فقال عليكم بالقرآن عليكم بالصلاة ويحكم ليس هذا زمان حديث إنما هذا زمان بكاء وتضرع واستكانة ودعاء كدعاء الغريق إنما هذا زمان احفظ لسانك وأخف مكانك وعالج قلبك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر


(١) حديث ميمون بن مهران لما نزلت هذه الآية {وإن جهنم لموعدهم أجمعين} صاح سلمان الفارسي لم أقف له على أصل
(٢) حديث لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً تقدم في قواعد العقائد

<<  <  ج: ص:  >  >>