للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكون معك أينما كنت فأطرق رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قال يا جبريل إن الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له فقال له جبريل يا محمد ثبتك الله بالقول الثابت

وروي أن المسيح صلى الله عليه وسلم مر في سياحته برجل نائم ملتف في عباءة فأيقظه وقال يا نائم قم فاذكر الله تعالى فقال ما تريد مني إني قد تركت الدنيا لأهلها فقال له قم إذن يا حبيبي

ومر موسى صلى الله عليه وسلم برجل نائم على التراب وتحت رأسه لبنة ووجهه ولحيته في التراب وهو متزر بعباءة فقال يا رب عبدك هذا في الدنيا ضائع فأوحى الله تعالى إليه يا موسى أما علمت أني إذا نظرت إلى عبد بوجهي كله زويت عنه الدنيا كلها

وعن أبي رافع أنه قال ورد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضيف فلم يجد عنده ما يصلحه فأرسلى إلى رجل من يهود خيبر وقال قل له يقول لك محمدا سلفنى أو بعني دقيقاً إلى هلال رجب قال فأتيته فقال لا والله إلا برهن فأخبرت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فقال أما والله إني لأمين في أهل السماء أمين في أهل الأرض ولو باعني أو أسلفني لأديت إليه اذهب بدرعي هذا إليه فارهنه فلما خرجت نزلت هذه الآية {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا} (١) الآية وهذه الآية تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم الفقر أزين بالمؤمن من العذار الحسن على خد الفرس (٢) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جِسْمِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا (٣)

وقال كعب الأحبار قال الله تعالى لموسى عليه السلام يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل مرحباً بشعار الصالحين

وقال عطاء الخراساني مر نبي من الأنبياء بساحل فإذا هو برجل يصطاد حيتاناً فقال بسم الله وألقى الشبكة فلم يخرج فيها شيء ثم مر بآخر فقال باسم الشيطان وألقى شبكته فخرج فيها من الحيتان ما كان يتقاعس من كثرتها

فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا رب ما هذا وقد علمت أن كل ذلك بيدك فقال الله تعالى للملائكة اكشفوا لعبدي عن منزلتيهما فلما رأى ما أعد الله تعالى لهذا من الكرامة ولذاك من الهوان قال رضيت يا رب

وقال نبينا صلى الله عليه وسلم اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها الأغنياء والنساء وفي لفظ آخر فقلت أين الأغنياء حبسهم الجد وفي حديث آخر فرأيت أكثر أهل النار النساء فقلت ما شأنهن فقيل شغلهن الأحمران الذهب والزعفران (٤) وقال صلى الله عليه وسلم تحفة المؤمن في الدنيا الفقر (٥) وفي الخبر آخر الأنبياء دخولاً الجنة سليمان بن داود عليهما السلام لمكان ملكه وآخر أصحابي دخولاً الجنة عبد الرحمن بن عوف لأجل غناه (٦) وفي حديث آخر رأيته يدخل الجنة زحفا (٧)


(١) حديث أبي رافع ورد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضيف فلم يجد عنده ما يصلحه فأرسلني إلى رجل من يهود خيبر الحديث فى نزول قوله تَعَالَى {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا به أزواجا منهم} أخرجه الطبرانى بسند ضعيف
(٢) حديث الفقر أزين بالمؤمن من العذار الحسن على خد الفرس رواه الطبرانى من حديث شداد بن أوس بسند ضعيف والمعروف أنه من كلام عبد الرحمن بن زياد بن أنعم رواه ابن عدى فى الكامل هكذا
(٣) حديث من أصبح منكم معافى فى جسمه الحديث أخرجه الترمذى وقد تقدم
(٤) حديث اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء الحديث تقدم فى آداب النكاح مع الزيادة التى فى آخره
(٥) حديث تحفة المؤمن في الدنيا الفقر رواه محمد بن خفيف الشيرازى فى شرف الفقر وأبو منصور الديلمى فى مسند الفردوس من حديث معاذ بن جبل بسند لا بأس به ورواه أبو منصور أيضا فيه من حديث ابن عمر بسند ضعيف جدا
(٦) حديث آخر الأنبياء دخولاً الجنة سليمان الحديث تقدم وهو فى الأوسط للطبرانى بإسناد فرد وفيه نكارة
(٧) حديث رأيته يعنى عبد الرحمن بن عوف دخل الجنة زحفا تقدم وهو ضعيف

<<  <  ج: ص:  >  >>