للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المسيح صلى الله عليه وسلم بشدة يدخل الغني الجنة

وفي خبر آخر عن أهل البيت رضي الله عنهم أنه صلى الله عليه وسلم قال إذا أحب الله عبداً ابتلاه فإذا أحبه الحب البالغ اقتناه قيل وما اقتناه قال لم يترك له أهلاً ولا مالاً (١)

وفي الخبر إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل مرحباً بشعار الصالحين وإذا رأيت الغني مقبلاً فقل ذنب عجلت عقوبته (٢)

وقال موسى عليه السلام يا رب من أحباؤك من خلقك حتى أحبهم لأجلك فقال كل فقير فقير فيمكن أن يكون الثاني للتوكيد ويمكن أن يراد به الشديد الضر

وقال المسيح صلوات الله عليه وسلامه إني لأحب المسكنة وأبغض النعماء وكان أحب الأسامي إليه صلوات الله عليه أن يقال له يا مسكين ولما قالت سادات العرب وأغنياؤهم للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل لنا يوماً ولهم يوماً يجيئون إليك ولا نجيء ونجيء إليك ولا يجيئون بعنون بذلك الفقراء مثل بلال وسلمان وصهيب وأبي ذر وخباب بن الأرت وعمار بن ياسر وأبي هريرة وأصحاب الصفة من الفقراء رضي الله عنهم أجمعين أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك وذلك لأنهم شكوا إليه التأذي برائحتهم وكان لباس القوم الصوف في شدة الحر فإذا عرقوا فاحت الروائح من ثيابهم فاشتد ذلك على الأغنياء منهم الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري وعباس بن مرداس السلمي وغيرهم فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يجمعهم وإياهم مجلس واحد فنزل عليه قَوْلُهُ تَعَالَى وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عيناك عنهم يعني الفقراء تريد زينة الحياة الدنيا يَعْنِي الْأَغْنِيَاءَ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عن ذكرنا يعني الأغنياء إلى قوله تعالى وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (٣) الآية

وَاسْتَأْذَنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أو يذكر فتنفعه الذكرى يعني ابن مَكْتُومٍ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٤) يعني هذا الشريف

وعن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يؤتى بالعبد يوم القيامة فيعتذر الله تعالى إليه كما يعتذر الرجل للرجل في الدنيا فيقول وعزتي وجلالي ما زويت الدنيا عنك لهوانك علي ولكن لما أعددت لك من الكرامة والفضيلة اخرج يا عبدي إلى هذه الصفوف فمن أطعمك فيّ أو كساك فيّ يريد بذلك وجهي فخذ بيده فهو لك والناس يومئذ قد ألجمهم العرق فيتخلل الصفوف وينظر من فعل ذلك به فيأخذ بيده ويدخله الجنة // حديث يؤتى بالعبد يوم القيامة فيعتذر الله إليه كما يعتذر الرجل إلى الرجل في الدنيا فيقول وعزتي وجلالي ما زويت عنك الدنيا لهرناك على الحديث أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب من حديث أنس بإسناد ضعيف يقول الله عز وجل يوم القيامة أدنوا منى أحبائي فتقول الملائكة ومن أحباؤك فيقول فقراء المسلمين فيدنون منه فيقول أما إني لم أزو الدنيا عنكم لهوان كان بكم علي ولاكن أردت بذلك أن أضعف لكم كرامتي اليوم فتمنوا على ماشئتم اليوم الحديث دون آخر الحديث وأما أول الحديث فرواه أبو نعيم في الحلية وسيأتي في الحديث الذي بعده


(١) حديث إذا أحب الله عبداً ابتلاه الحديث أخرجه الطبراني من حديث أبي عتبة الخولاني
(٢) حديث إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل مرحباً بشعار الصالحين وإذا رأيت الغني مقبلاً فقل ذنب عجلت عقوبته أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من رواية مكحول عن أبي الدرداء ولم يسمع منه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام فذكره بزيادة في أوله ورواه أبو نعيم في الحلية من قول كعب الأحبار غير مرفوع بإسناد ضعيف
(٣) حديث قال سادات العرب وأغنياؤهم للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل لنا يوماً ولهم يوما الحديث في نزول قَوْلُهُ تَعَالَى وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ربهم الآية تقدم من حديث خباب وليس فيه أنه كان لباسهم الصوف ويفوح ريحهم إذا عرفوا وهذه الزيادة من حديث سلمان
(٤) حديث استئذان ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ ونزول قوله تعالى عبس وتولى أخرجه الترمذي من حديث عائشة وقال غريب قلت ورجاله رجال الصحيح

<<  <  ج: ص:  >  >>