للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدتين السابقتين حتى إنها تطرد في حق الممسوح ومن لا شهوة له إلا أن هذه الفائدة تجعل للنكاح فضيلة بالإضافة إلى هذه النية وقل من يقصد بالنكاح ذلك

وأما قصد الولد وقصد دفع الشهوة وأمثالها فهو مما يكثر ثم رب شخص يستأنس بالنظر إلى الماء الجاري والخضرة وأمثالها ولا يحتاج إلى ترويح النفس بمحادثة النساء وملاعبتهن

فيختلف هذا باختلاف الأحوال والأشخاص فليتنبه له

الفائدة الرابعة تفريغ القلب عن تدبير المنزل والتكفل بشغل الطبخ والكنس والفرش وتنظيف الأواني وتهيئة أسباب المعيشة فإن الإنسان لو لم يكن له شهوة الوقاع لتعذر عليه العيش في منزله وحده إذ لو تكفل بجميع أشغال المنزل لضاع أكثر أوقاته ولم يتفرغ للعلم والعمل فالمرأة الصالحة للمنزل عون على الدين بهذه الطريق واختلال هذه الأسباب شواغل ومشوشات للقلب ومنغصات للعيش ولذلك قال أبو سليمان الداراني رحمه الله الزوجة الصالحة ليست من الدنيا فإنها تفرغك للآخرة وإنما تفريغها بتدبير المنزل وبقضاء الشهوة جميعاً

وقال محمد بن كعب القرظي في معنى قوله تعالى ربنا آتنا في الدنيا حسنة قال المرأة الصالحة

وقال صلى الله عليه وسلم ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة صالحة تعينه على آخرته (١)

فانظر كيف جمع بينها وبين الذكر والشكر

وفي بعض التفاسير في قوله تعالى فلنحيينه حياة طيبة قال الزوجة الصالحة وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ما أعطى العبد بعد الإيمان بالله خيراً من امرأة صالحة وإن منهن غنماً لا يحذى منه ومنهن غلالا يفدى منه

وقوله لا يحذى أن يعتاض عنه بعطاء

وقال صلى الله عليه وسلم فضلت على آدم بخصلتين كانت زوجته عوناً له على المعصية وأزواجي أعوان لي على الطاعة وكان شيطانه كافراً وشيطاني مسلم لا يأمر إلا بخير (٢)

فعد معاونتها على الطاعة فضيلة فهذه أيضاً من الفوائد التي يقصدها الصالحون إلا أنها تخص بعض الأشخاص الذين لا كافل لهم ولا مدبر ولا تدعو إلى امرأتين بل الجمع ربما ينغص المعيشة ويضطرب به أمور المنزل ويدخل في هذه الفائدة قصد الاستكثار بعشيرتها وما يحصل من القوة بسبب تداخل العشائر فإن ذلك مما يحتاج إليه في دفع الشرور وطلب السلامة ولذلك قيل ذل من لا ناصر له ومن وجد من يدفع عنه الشرور سلم حاله وفرغ قلبه للعبادة فإن الذل مشوش للقلب والعز بالكثرة دافع بالذل

الفائدة الخامسة مجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولاية والقيام بحقوق الأهل والصبر على أخلاقهن واحتمال الأذى منهن والسعي في إصلاحهن وإرشادهن إلى طريق الدين والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهن والقيام بتربيته لأولاده فكل هذه أعمال عظيمة الفضل فإنها رعاية وولاية والأهل والولد رعية وفضل الرعاية عظيم إنما يحترز منها من يحترز خيفة من القصور عن القيام بحقها وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم يوم من وال عادل أفضل من عبادة سبعين سنة {ثم قال} ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته (٣)

وليس من اشتغل


(١) حديث ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة تعينه على آخرته أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجة واللفظ له من حديث وفيه انقطاع
(٢) حديث فضلت على آدم صلى الله عليه وسلم بخصلتين كانت زوجته عوناً له على المعصية وأزواجي أعوان لي على الطاعة وكان شيطانه كافراً وشيطاني مسلم لا يأمر إلا بخير رواه الخطيب في التاريخ من حديث ابن عمر وفيه محمد بن وليد بن أبان بن القلانسي قال ابن عدي كان يضع الحديث ولمسلم من حديث ابن مسعود ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قالوا وإياك يا رسول الله قال وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ولا يأمرني إلا بخير
(٣) حديث يوم وال عادل أفضل من عبادة سبعين سنة {ثم قال} ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته رواه الطبراني والبيهقي من حديث ابن عباس وقد تقدم بلفظ ستين سنة دون ما بعده فإنه متفق عليه من حديث ابن عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>