للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإصلاح نفسه وغيره كمن اشتغل بإصلاح نفسه فقط ولا من صبر على الأذى كمن رفه نفسه وأراحها فمقاساة الأهل والولد بمنزلة الجهاد في سبيل الله ولذلك قال بشر فضل علي أحمد بن حنبل بثلاث إحداها أنه يطلب الحلال لنفسه ولغيره وقد قال صلى الله عليه وسلم ما أنفقه الرجل على أهله فهو صدقة وإن الرجل ليؤجر في اللقمة يرفعها إلي في امرأته (١)

وقال بعضهم لبعض العلماء من كل عمل أعطاني الله نصيباً حتى ذكر الحج والجهاد وغيرهما فقال له أين أنت من عمل الأبدان قال وما هو قال كسب الحلال والنفقة على العيال

وقال ابن المبارك وهو مع إخوانه في الغزو تعلمون عملاً أفضل مما نحن فيه قالوا ما نعلم ذلك

قال أنا أعلم قالوا فما هو قال رجل متعفف ذو عائلة قام من الليل فنظر إلى صبيانه نياماً متكشفين فسترهم وغطاهم بثوبه فعمله أفضل مما نحن فيه

وقال صلى الله عليه وسلم من حسنت صلاته وكثر عياله وقل ماله ولم يغتب المسلمين كان معي في الجنة كهاتين (٢)

وفي حديث آخر إن الله يحب الفقير المتعفف أبا العيال (٣)

وفي الحديث إذا كثرت ذنوب العبد ابتلاه الله بهم العيال ليكفرها عنه (٤)

وقال بعض السلف

من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الغم بالعيال وفيه أثر عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم بطلب المعيشة (٥)

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ له ثلاث بنات فأنفق عليهن وأحسن إليهن حتى يغنيهن الله عنه أوجب الله له الجنة ألبتة ألبتة إلا أن يعمل عملاً لا يغفر له (٦)

وكان ابن عباس إذا حدث بهذا قال

والله هو من غرائب الحديث وغرره

وروي أن بعض المتعبدين كان يحسن القيام على زوجته إلى أن ماتت

فعرض عليه التزويج فامتنع وقال الوحدة أروح لقلبي وأجمع لهمي ثم قال رأيت في المنام بعد جمعة من وفاتها كأن أبواب السماء فتحت وكأن رجالاً ينزلون ويسيرون في الهواء يتبع بعضهم بعضاً فكلما نزل واحد نظر إلي وقال لمن وراءه هذا هو المشئوم فيقول الآخر نعم ويقول الثالث كذلك ويقول الرابع نعم فخفت أن أسألهم هيبة من ذلك إلى أن مر بي آخرهم وكان غلاماً فقلت له يا هذا من هذا المشئوم الذي تؤمئون إليه فقال أنت

فقلت ولم ذاك قال كنا نرفع عملك في أعمال المجاهدين في سبيل الله فمنذ جمعة أمرنا أن نضع عملك مع الخالفين فما ندري ما أحدثت فقال لإخوانه زوجوني زوجوني فلم يكن تفارقه زوجتان أو ثلاث

وفي أخبار الأنبياء عليهم السلام أن قوماً دخلوا على يونس النبي عليه السلام فأضافهم فكان يدخل ويخرج إلى منزله فتؤذيه امرأته وتستطيل عليه وهو ساكت فتعجبوا من ذلك فقال لا تعجبوا فإني سألت الله تعالى وقلت ما أنت معاقب لي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا فقال إن عقوبتك بنت فلان تتزوج بها فتزوجت بها وأنا صابر على ما ترون منها وفي الصبر على ذلك رياضة النفس وكسر الغضب


(١) حديث ما أنفق الرجل على أهله فهو صدقة وإن الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى في امرأته متفق عليه من حديث ابن مسعود إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة ولهما من حديث سعد بن أبي وقاص ومهما أنفقت فهو لك صدقة حتى اللقمة ترفعها إلى في امراتك
(٢) حديث من حسنت صلاته وكثر عياله وقل ماله ولم يغتب المسلمين كان معي في الجنة كهاتين أخرجه أبو يعلى من حديث أبي سعيد الخدري بسند ضعيف
(٣) حديث إن الله يحب الفقير المتعفف أبا العيال أخرجه ابن ماجه من حديث عمران بن حصين بسند ضعيف
(٤) حديث إذا كثرت ذنوب العبد ابتلاه الله بهم العيال ليكفرها رواه أحمد عن حديث عائشة إلا أنه قال بالحزن وفيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه
(٥) حديث من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم بطلب المعيشة أخرجه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية والخطيب في التلخيص المتشابه من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف
(٦) حديث من كان له ثلاث بنات فأنفق عليهن وأحسن إليهن حتى يغنيهن الله عنه أوجب الله له الجنة ألبتة إلا أن يعمل عملاً لا يغفر له رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث ابن عباس بسند ضعيف وهو عنده بلفظ آخر ولأبي داود واللفظ له والترمذي من حديث أبي سعيد من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة ورجاله ثقات وفي سنده اختلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>