للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعرفة رابطة ولا بعد الخلة درجة وما سواهما من الدرجات بينهما

وقد ذكرنا حق الصحبة والأخوة ويدخل فيهما ما وراءهما من المحبة والخلة وإنما تتفاوت الرتب في تلك الحقوق كما سبق بحسب تفاوت المحبة والأخوة حتى ينتهي أقصاها إلى أن يوجب الإيثار بالنفس والمال كما آثر أبو بكر رضي الله عنه نبينا صلى الله عليه وسلم وكما آثره طلحة ببدنه إذ جعل نفسه وقاية لشخصه العزيز صلى الله عليه وسلم فنحر الآن نريد أن نذكر حق أخوة الإسلام وحق الرحم وحق الوالدين وحق الجوار وحق الملك أعني ملك اليمين فإن ملك النكاح قد ذكرنا حقوقه في كتاب آداب النكاح حُقُوقُ الْمُسْلِمِ

هِيَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيتَهُ وَتُجِيبَهُ إِذَا دَعَاكَ وَتُشَمِّتَهُ إِذَا عَطَسَ وَتَعُودَهُ إِذَا مَرِضَ وَتَشْهَدَ جِنَازَتَهُ إِذَا مَاتَ وَتَبَرَّ قَسَمَهُ إِذَا أَقْسَمَ عَلَيْكَ وَتَنْصَحَ لَهُ إِذَا اسْتَنْصَحَكَ وَتَحْفَظَهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِذَا غَابَ عنك وتحب لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَتَكْرَهَ لَهُ مَا تكره لنفسك (١)

ورد جميع ذلك في أخبار وآثار

وقد روى أنس رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال أربع من حق المسلمين عليك أن تعين محسنهم وأن تستغفر لمذنبهم وأن تدعو لمدبرهم وأن تحب تائبهم (٢)

وقال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى قوله تعالى رحماء بينهم قال يدعو صالحهم لطالحهم وطالحهم لصالحهم فإذا نظر الطالح إلى الصالح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك له فيما قسمت له من الخير وثبته عليه وانفعنا به إذا نظر الصالح إلى الطالح قال اللهم اهده وتب عليه واغفر له عثرته

ومنها أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه قال النعمان بن بشير سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى سَائِرُهُ بِالْحُمَّى والسهر (٣)

وروى أبو موسى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا (٤)

وَمِنْهَا أَنْ لَا يُؤْذِيَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِفِعْلٍ وَلَا قَوْلٍ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ (٥)

وقال صلى الله عليه وسلم في حديث طويل يأمر فيه بالفضائل فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدقت بها على نفسك (٦)

وقال أيضاً أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده (٧)

وقال صلى الله عليه وسلم أتدرون من المسلم فقالوا الله ورسوله أعلم قال الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ قالوا فمن المؤمن قال من أمنه المؤمنين على أنفسهم وأموالهم قالوا فمن المهاجر قال من هجر السوء واجتنبه (٨)

وقال رجل يا رسول الله ما الإسلام


(١) هو أن يسلم عليه إذا لقيه فذكر عشر خصال أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس وفي رواية لمسلم حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته تسلم عليه وزاد وإذا استنصحك فانصح له وللترمذي وابن ماجه من حديث علي للمسلم على المسلم ست فذكر منها ويحب له ما يحب لنفسه وقال وينصح له إذا غاب أو شهد ولأحمد من حديث معاذ وان تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وفي الصحيحين من حديث والبراء أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبع فذكر منها وابرار القسم ونصر الظلوم
(٢) حديث انس أربع من حقوق المسلمين عليك أن تعين محسنهم وأن تستغفر لمذنبهم وأن تدعو لمدبرهم وأن تحب تائبهم ذكره صاحب الفردوس ولم أجد له إسنادا
(٣) حديث النعمان بن بشير مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الحديث متفق عليه
(٤) حديث أبي موسى المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً متفق عليه
(٥) حديث الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو
(٦) حديث فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك متفق عليه من حديث أبي ذر
(٧) حديث أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده متفق عليه من حديث أبي موسى
(٨) حديث اتدرون من المسلم قالوا الله ورسوله أعلم قال المسلم من سلم من لسانه ويده أخرجه الطبراني والحاكم وصححه من حديث فضالة بن عبيد إلا أخبركم بالمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وانفسهم والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب ورواه ابن ماجه مقتصرا على المؤمن والمهاجر وللحاكم من حديث انس قال على شرط مسلم والمهاجر من هجر السوء ولأحمد بإسناد صحيح من حديث عمر بن عبسة قال رجل يا رسول الله ما الإسلام قال أن تسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك

<<  <  ج: ص:  >  >>