للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الأربعة خير للرفاقة الخاصة لا للرفاقة العامة

وكم من رفيق في الطريق عند كثرة الرفاق لا يكلم ولا يخالط الى آخر الطريق للاستغناء عنه

الثَّالِثُ أَنْ يُودِّعَ رُفَقَاءَ الْحَضَرِ وَالْأَهْلَ وَالْأَصْدِقَاءَ وليدع عند الوداع بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال بعضهم صحبت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من مكة الى المدينة حرسها الله فلما أردت أن افارقه شيعني وَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول قال لقمان إن الله تعالى إذا استودع شيئاً حفظه وإني أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك (١)

وروى زيد بن أرقم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال إذا أراد أحدكم سفراً فليودع أخوانه فإن الله تعالى جاعل له في دعائهم البركة (٢)

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ودع رجلاً قال زودك الله التقوى وغفر ذنبك ووجهك الى الخير حيث توجهت (٣)

فهذا دعاء المقيم للمودع

وقال موسى بن وردان أتيت أبا هريرة رضي الله عنه أودعه لسفر أردته

فقال ألا أعلمك يا ابن أخي شيئاً علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الوداع فقلت بلى قال قل أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه (٤)

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أريد سفراً فأوصني فقال له في حفظ الله وفي كنفه زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى وَغَفَرَ ذَنْبَكَ وَوَجَّهَكَ لِلْخَيْرِ حيث كنت أو أينما كنت (٥)

شك فيه الراوي

وينبغي إذا استودع الله تعالى ما يخلفه أن يستودع الجمع ولا يخصص

فقد روي أن عمر رضي الله عنه كان يعطي الناس عطاياهم إذ جاءه رجل معه ابن له فقال له عمر ما رأيت أشبه بأحد من هذا بك فقال له الرجل أحدثك عنه يا أمير المؤمنين بأمر إني أردت أن أخرج الى سفر وأمه حامل به فقالت تخرج وتدعني على هذه الحالة فقلت أستودع الله ما في بطنك فخرجت ثم قدمت فإذا هي قد ماتت فجلسنا نتحدّث فإذا نار على قبرها فقلت للقوم ما هذه النار فقالوا هذه النار من قبر فلانة نراها كل ليلة فقلت والله إنها كانت لصوامة قوّامة فأخذت المعول حتى انتهينا الى القبر فحفرنا فإذا سراج وإذا هذا الغلام يدب فقيل لي أن هذه وديعتك ولو كنت استودعت أمه لوجدتها فقال عمر رضي الله عنه لهو أشبه بك من الغراب بالغراب

الرابع أن يصلي قبل سفره صلاة الإستخارة كما وصفناها في

كتاب الصلاة ووقت الخروج يصلي لأجل السفر فقد روى أنس بن مالك رضي

الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني نذرت سفراً وقد كتبت وصيتي فالى أي الثلاثة أدفعها الى ابني أم أخي أم أبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما استخلف عبد في أهله من خليفة أحب إلى الله من أربع ركعات يصليهن في بيته إذا شدّ عليه ثياب سفره يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ثم يقول اللهم إني أتقرب بهن إليك فاخلفني بهن في أهلي ومالي فهي خليفته في أهله وماله وحرز حول داره حتى يرجع الى أهله (٦)


(١) حديث ابن عمر قال لقمان أن الله إذا استودع شيئاً حفظه وإني أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك أخرجه النسائي في اليوم والليلة ورواه أبو داود مختصرا وإسناده جيد
(٢) حديث زيد بن أرقم إذا أراد أحدكم سفراً فليودع أخوانه فإن الله جاعل له في دعائهم البركة أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف
(٣) حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كان إذا ودع رجلاً قال زودك الله التقوى رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق والمحاملي في الدعاء وفيه ابن لهيعة
(٤) حديث أبي هريرة أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه أخرجه ابن ماجه والنسائي في اليوم والليلة بإسناد حسن
(٥) حديث أنس في حفظ الله وفي كنفه زودك الله التقوى الحديث تقدم في الحج في الباب الثاني
(٦) حديث أنس أن رجلا قال إني نذرت سفراً وقد كتبت وصيتي فالى أي الثلاثة أدفعها إلى أبي أم أخي أم امرأتي فقال ما استخلف عبد في أهله من خليفة أحب إلى الله من أربع ركعاتالحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وفيه من لا يعرف

<<  <  ج: ص:  >  >>