وأما الثالث وهو الاعتقاد وحكم القلب بأنه ينبغي أن يفعل فهذا تردد بين أن يكون اضطرارا أو اختيارا والأحوال تختلف فيه فالاختياري منه يؤاخذ به والاضطراري لا يؤاخذ به وأما الرابع وهو الهم بالفعل فإنه مؤاخذ به إلا أنه إن لم يفعل نظر فإن كان قد تركه خوفا من الله تعالى وندما على همه كتبت له حسنة لأن همه سيئة وامتناعه ومجاهدته نفسه حسنة والهم على وفق الطبع مما يدل على تمام الغفلة عن الله تعالى والامتناع بالمجاهدة على خلاف الطبع يحتاج إلى قوة عظيمة فجده في مخالفة الطبع هو العمل لله تعالى والعمل لله تعالى أشد من جده في موافقة الشيطان بموافقة الطبع فكتب له حسنة لأنه رجح جده في الامتناع وهمه به على همه بالفعل وإن تعوق الفعل بعائق أو تركه بعذر لا خوفا من الله تعالى كتبت عليه سيئة فإن همه فعل من القلب اختياري والدليل على هذا التفصيل ما روى في الصحيح مفصلا في لفظ الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الملائكة عليهم السلام رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به فقال ارقبوه فإن هو عملها فاكتبوها له بمثلها وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جرائي (٢) وحيث قال فإن لم يعملها أراد به تركها لله فأما إذا عزم على فاحشة فتعذرت عليه بسبب أو غفلة فكيف تكتب له حسنة وقد قال صلى الله عليه وسلم إنما يحشر الناس على نياتهم