وتركتها على رغيف فلقيت صبيا فقلت ألست أنت ابن فلان وقد مات أبوك قال بلى فناولته إياها قالوا وأقبل يبكي ويقرأ ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا ثم لم يذقه بعد ذلك ومكث يشتهي تمراً سنين فلما كان ذات يوم اشترى تمراً بقيراط ورفعه إلى الليل ليفطر عليه قال فهبت ريح شديدة حتى أظلمت الدنيا ففزع الناس فأقبل عتبة على نفسه يقول هذا لجراءتي عليك وشرائي التمر بالقيراط ثم قال لنفسه ما أظن أخذ الناس إلا بذنبك على أن لا تذوقيه واشترى داود الطائي بنصف فلس بقلاً وبفلس خلاً وأقبل ليلته كلها يقول لنفسه ويلك يا دواد ما أطول حسابك يوم القيامة ثم لم يأكل بعده إلا قفاراً وقال عتبة الغلام يوماً لعبد الواحد بن زيد إن فلاناً يصف من نفسه منزلة ما أعرفها من نفسي فقال لأنك تأكل مع خبزك تمراً وهو لا يزيد على الخبز شيئاً قال فإن أنا تركت أكل التمر عرفت تلك المنزلة قال نعم وغيرها فأخذ يبكي فقال له بعض أصحابه لا أبكى الله عينك أعلى التمر تبكي فقال عبد الواحد دعه فإن نفسه قد عرفت صدق عزمه في الترك وهو إذا ترك شيئاً لم يعاوده وقال جعفر بن نصر أمرني الجنيد أن أشتري له التين الوزيري فلما اشتريته أخذ واحدة عند الفطور فوضعها في فمه ثم ألقاها وجعل يبكي ثم قال احمله فقلت له في ذلك فقال هتف بي هاتف أما تستحي تركته من أجلي ثم تعود إليه وقال صالح المري قلت لعطاء السلمي إني متكلف لك شيئاً فلا ترد على كرامتي فقال افعل ما تريد قال فبعثت إليه مع ابني شربة من سويق قد لتته بسمن وعسل فقلت لا تبرح حتى يشربها فلما كان من الغد جعلت له نحوها فردها ولم يشربها فعاتبته ولمته على ذلك وقلت سبحان الله رددت على كرامتي فلما رأى وجدي لذلك قال لا يسوءك هذا إني قد شربتها أول مرة وقد راودت نفسي في المرة الثانية على شربها فلم أقدر على ذلك كلما أردت ذلك ذكرت قوله تعالى {يتجرعه ولا يكاد يسيغه} الآية قال صالح فبكيت وقلت في نفسي أنا في واد وأنت في واد آخر وقال السري السقطي نفسي منذ ثلاثين سنة تطالبني أن أغمس جزرة في دبس فما أطعمتها وقال أبو بكر الجلاء أعرف رجلاً تقول له نفسه أنا أصبر لك على طي عشرة أيام وأطعمني بعد ذلك شهوة أشتهيها فيقول لها لا أريد أن تطوى عشرة أيام ولكن اتركي هذه الشهوة وروي أن عابداً دعا بعض إخوانه فقرب إليه رغفاناً فجعل أخوه يقلب الأرغفة ليختار أجودها فقال له العابد مه أي شيء تصنع أما علمت أن في الرغيف الذي رغبت عنه كذا وكذا حكمة وعمل فيه كذا وكذا صانعاً حتى استدار من السحاب الذي يحمل الماء والماء الذي يسقي الأرض والرياح والأرض والبهائم وبني آدم حتى صار إليك ثم أنت بعد هذا تقلبه ولا ترضى به
وفي الخبر لا يستدير الرغيف ويوضع بين يديك حتى يعمل فيه ثلثمائة وستون صانعاً أولهم ميكائيل عليه السلام الذي يكيل الماء من خزائن الرحمة ثم الملائكة التي تزجي السحاب والشمس والقمر والأفلاك وملائكة الهواء ودواب الأرض وآخرهم الخباز وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها // حديث لا يستدير الرغيف ويوضع بين يديك حتى يعمل فيه ثلثمائة وستون صانعاً أولهم ميكائيل الحديث لم أجد له أصل وقال بعضهم أتيت قاسماً الجرعي فسألت عن الزهد أي شيء هو فقال أي شيء سمعت فيه فعددت أقوالاً فسكت فقلت أي شيء تقول أنت فقال اعلم أن البطن دنيا العبد فبقدر ما يملك من بطنه يملك من الزهد وبقدر ما يملكه بطنه تملكه الدنيا وكان بشر بن الحرث قد اعتل مرة فأتى عبد الرحمن الطبيب يسأله عن شيء يوافقه من المأكولات فقال تسألني فإذا وصفت لك لم تقبل مني قال صف لي حتى أسمع قال تشرب سكنجبيناً وتمص سفرجلاً وتأكل