للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان الصيام في الصيف وضرب أعداء الله بالسيف وتعجيل الصلاة في اليوم الدجن والصبر على المصيبات وإسباغ الوضوء على المكاره وترك المراء وهو صادق (١) وقال الزبير لابنه لا تجادل الناس بالقرآن فإنك لا تستطيعهم ولكن عليك بالسنة وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله عليه من جعل دينه عرضة للخصومات أكثر التنقل وقال مسلم بن يسار إياكم والمراء فإنه ساعة جهل العالم وعندها يبتغي الشيطان زلته وقيل ما ضل قوم بعد إذ هداهم الله إلا بالجدل وقال مالك بن أنس رحمة الله عليه ليس هذا الجدال من الدين في شيء وقال أيضاً المراء يقسي القلوب ويورث الضغائن وقال لقمان لابنه يا بني لا تجادل العلماء فيمقتوك وَقَالَ بِلَالُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ لَجُوجًا مُمَارِيًا مُعْجَبًا بِرَأْيِهِ فَقَدْ تَمَّتْ خَسَارَتُهُ وقال سفيان لو خالفت أخي في رمانة فقال حلوة وقلت حامضة لسعى بي إلى السلطان وقال أيضاً صاف من شئت ثم أغضبه بالمراء فليرمينك بداهية تمنعك العيش وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا أُمَارِي صَاحِبِي فإما أن أكذبه وإما أن أغضبه وقال أبو الدرداء كفى بك إثماً أن لا تزال ممارياً وقال صلى الله عليه وسلم تكفير كل لحاء ركعتان (٢) وقال عمر رضي الله عنه لا تتعلم العلم لثلاث ولا تتركه لثلاث

لا تتعلمه لتماري به ولا لتباهي به ولا لترائي به ولا تتركه حياء من طلبه ولا زهادة فيه ولا رضا بالجهل منه

وقال عيسى عليه السلام من كثر كذبه ذهب جماله ومن لاحى الرجال سقطت مروءته ومن كثر همه سقم جسمه ومن ساء خلقه عذب نفسه وقيل لميمون بن مهران مالك لا تترك أخاك عن قلى قال لأني لا أشاريه ولا أماريه وَمَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى

وَحَدُّ الْمِرَاءِ هُوَ كُلُّ اعْتِرَاضٍ عَلَى كَلَامِ الْغَيْرِ بِإِظْهَارِ خَلَلٍ فِيهِ إِمَّا فِي اللَّفْظِ وَإِمَّا فِي الْمَعْنَى وَإِمَّا فِي قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ وَتَرْكُ الْمِرَاءِ بِتَرْكِ الْإِنْكَارِ وَالِاعْتِرَاضِ فَكُلُّ كَلَامٍ سَمِعْتَهُ فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَصَدِّقْ بِهِ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا أَوْ كَذِبًا وَلَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِأُمُورِ الدِّينِ فَاسْكُتْ عَنْهُ

والطعن في كلام الغير تارة يكون في لفظه بإظهار خلل فيه من جهة النحو أو من جهة اللغة أو من جهة العربية أو من جهة النظم والترتيب بسوء تقديم أو تأخير وذلك يكون تارة من قصور المعرفة وتارة يكون بطغيان اللسان وكيفما كان فلا وجه لإظهار خلله

وأما في المعنى فبأن يقول ليس كما تقول وقد أخطأت فيه من وجه كذا وكذا

وأما في قصده فمثل أن يقول هذا الكلام حق ولكن ليس قصدك منه الحق وإنما أنت فيه صاحب غرض وما يجري مجراه وهذا الجنس إن جرى في مسألة علمية ربما خص باسم الجدل وهو أيضاً مذموم بل الواجب السُّكُوتُ أَوِ السُّؤَالُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِفَادَةِ لَا على وجه العناد والنكارة أَوِ التَّلَطُّفُ فِي التَّعْرِيفِ لَا فِي مَعْرِضِ الطعن

وأما المجادلة فعبارة عن قَصْدُ إِفْحَامِ الْغَيْرِ وَتَعْجِيزِهِ وَتَنْقِيصِهِ بِالْقَدْحِ فِي كلامه ونسبته إلى القصور والجهل فيه وآية ذلك أن يكون تنبيهه للحق من جهة أخرى مكروها عند المجادل يجب أن يكون هو المظهر له خطأ ليبين به فضل نفسه ونقص صاحبه ولا نجاة من هذا إلا بالسكوت عن كل ما لا يأثم به لو سكت عنه

وأما الباعث على هذا فهو التَّرَفُّعُ بِإِظْهَارِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالتَّهَجُّمِ عَلَى الْغَيْرِ بإظهار نقصه وهما شهوتان باطنتان


(١) حديث ست من كن فيه بلغ حقيقة الإيمان الحديث {وفيه} وترك المراء وهو صادق أخرجه أبو منصور الديلمي من حديث أبي مالك الأشعري بسند ضعيف بلفظ خصال من الخير الحديث
(٢) حديث تكفير كل لحاء ركعتان أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة بسند ضعيف

<<  <  ج: ص:  >  >>