للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الكذب ليكتب كذباً حتى تكتب الكذبة كذيبة (١)

وقد كان أهل الورع يحترزون عن التسامح بمثل هذا الكذب

قال الليث بن سعد كانت عينا سعد بن المسيب ترمص حتى يبلغ الرمص خارج عينيه فيقال له لو مسحت عينيك فيقول وأين قول الطبيب لا تمس عينيك فأقول لا أفعل وهذه مراقبة أهل الورع

ومن تركه انسل لسانه في الكذب عند حد اختياره فيكذب ولا يشعر

وعن خوات التيمي قال جاءت أخت الربيع بن خثيم عائدة لابن له فانكبت عليه فقالت كيف أنت يا بني فجلس الربيع وقال أرضعتيه قالت لا قال ما عليك لو قلت يا ابن أخي فصدقت ومن العادة أَنْ يَقُولَ يَعْلَمُ اللَّهُ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ

قال عيسى عليه السلام إن من عظم الذنوب عند الله أن يقول العبد إن الله يعلم لما لا يعلم

وربما يكذب في حكاية المنام والإثم فيه عظيم إذ قال صلى الله عليه وسلم إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرْيَةِ أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ فِي الْمَنَامِ مَا لَمْ يَرَ أَوْ يَقُولَ عَلَيَّ ما لم أقل (٢) حديث من كذب في حلمه كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرة أخرجه البخاري من حديث ابن عباس (٣) حديث كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وعرضه أخرجه مسلم من حديث أي هريرة (٤) حديث لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا يغتب بعضكم بعضاً وكونوا عباد الله إخواناً متفق عليه من حديث أبي هريرة دون قوله ولا يغتب بعضكم بعضاً وقد تقدم في آداب الصحبة (٥) حديث جابر وأبي سعيد إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت وابن حبان في الضعفاء وابن مردويه في التفسير (٦) حديث أنس مررت ليلة أسري بي على قوم يخمشون وجوههم بأظفارهم الحديث أخرجه أبو داود مسندا ومرسلا والمسند أصح //

وقال سليم بن جابر أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت علمني خيراً أنتفع به فقال لا تحقرن


(١) حديث مجاهد عن أسماء بنت عميس كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث وفيه قال لا تجمعن جوعاً وكذباً أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت والطبراني في الكبير وله نحوه من رواية شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد وهو الصواب فإن أسماء بنت عميس كانت إذ ذاك بالحبشة لكن في طبقات الأصبهانيين لأبي الشيخ من رواية عطاء بن أبي رباح عن أسماء بنت عميس زففنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه الحديث فإذا كانت غير عائشة ممن تزوجها بعد خيبر فلا مانع من ذلك
(٢) حديث إن من أعظم الفري أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ يرى عينيه في المنام ما لم تريا أو يقول على ما لم أقل أخرجه البخاري من حديث واثلة بن الأسقع وله من حديث ابن عمر من أفرى الفري أن يرى عينيه ما لم تريا
وقال صلى الله عليه وسلم من كذب في حلم كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد بينهما أبداً
(٣) الآفة الخامسة عشرة الغيبة
والنظر فيها طويل فلنذكر أولاً مذمة الغيبة وما ورد فيها من شواهد الشرع وقد نص الله سبحانه على ذمها في كتابه وَشَبَّهَ صَاحِبَهُ بِآكِلِ لَحْمِ الْمَيْتَةِ فَقَالَ تَعَالَى وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ
(٤) وَالْغِيبَةُ تتناول العرض وقد جمع الله بينه وبين المال والدم وقال أبو برزة قال صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تفاحشوا ولا تدابروا ولا يغتب بعضكم بعضاً وكونوا عباد الله إخواناً
(٥) وعن جابر وأبي سعيد قالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا فإن الرجل يزني ويتوب فيتوب الله سبحانه عليه وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه
(٦) وقال أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مررت ليلة سري بن على أقوام يخمشون وجوههم بأظافيرهم فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يغتابون الناس ويقعون في أعراضهم

<<  <  ج: ص:  >  >>