للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد بن عباد المهلبي دخل أبي على المأمون فوصله بمائة ألف درهم فلما قام من عنده تصدق بها فأخبر بذلك المأمون فلما عاد إليه عاتبه المأمون في ذلك فقال يا أمير المؤمنين منع الموجود سوء ظن بالمعبود فوصله بمائة ألف أخرى

وَقَامَ رَجُلٌ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَسَأَلَهُ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَكَى فَقَالَ لَهُ سعيد مَا يُبْكِيكَ قَالَ أَبْكِي عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ مِثْلَكَ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ ألف أخرى

ودخل أبو تمام على إبراهيم بن شكلة بأبيات امتدحه بها فوجده عليلاً فقبل منه المدحة وأمر حاجبه بنيله ما يصلحه وقال

عسى أن أقوم من مرضي فأكافئه فأقام شهرين فوحشه طول المقام فكتب إليه يقول

إن حراماً قبول مدحتنا ... وترك ما نرتجي من الصفد

كما الدراهم والدنانير في البيعحرام إلا يدا بيد

فلما وصل البيتان إلى إبراهيم قال لحاجبه كم أقام بالباب قال شهرين قال أعطه ثلاثون ألف وجئني بدواة فكتب إليه

أعجلتنا فأتاك عاجل برنا ... قلا ولو أمهلتنا لم نقلل

فخذ القليل وكن كأنك لم تقل ... ونقول نحن كأننا لم نفعل

وروي أنه كان لعثمان على طلحة رضي الله عنهما خمسون ألف درهم فخرج عثمان يوماً إلى المسجد فقال له طلحة قد تهيأ مالك فاقبضه فقال هو لك يا أبا محمد معونة لك على مروءتك وقالت سعدى بنت عوف دخلت على طلحة فرأيت منه ثقلاً فقلت له مالك فقال اجتمع عندي مال وقد غمني فقلت وما يغمك ادع قومك فقال يا غلام علي بقومي فقسمه فيهم فسألت الخادم كم كان قال أربعمائة ألف

وجاء أعرابي إلى طلحة فسأله وتقرب إليه برحم فقال إن هذه الرحم ما سألني بها أحد قبلك إن لي أرضاً قد أعطاني بها عثمان ثلثمائة ألف فإن شئت فاقبضها وإن شئت بعتها من عثمان ودفعت إليك الثمن فقال الثمن فباعها من عثمان ودفع إليه الثمن

وقيل بكى علي كرم الله وجهه يوماً فَقِيلَ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ لَمْ يَأْتِنِي ضَيْفٌ مُنْذُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قد أهانني

وأتى رجل صَدِيقًا لَهُ فَدَقَّ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَالَ مَا جَاءَ بِكَ قَالَ عَلَيَّ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فوزن أربعمائة درهم وأخرجها إليها وعاد يبكي فقالت امرأته لم أعطيته إذ شق عليك فقال إنما أَبْكِي لِأَنِّي لَمْ أَتَفَقَّدْ حَالَهُ حَتَّى احْتَاجَ إلى مفاتحتي فرحم الله من هذه صفاتهم وغفر لهم أجمعين

بَيَانُ ذَمِّ الْبُخْلِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون وَقَالَ تَعَالَى وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتاهم الله من فضله هو خير لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بخلوا به يوم القيامة وقال تعالى الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم (١)

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ


(١) حديث إياكم والشح الحديث أخرجه مسلم من حديث جابر بلفظ واتقوا الشح فإن الشح الحديث ولأبي داود والنسائي في الكبرى وابن حبان والحاكم وصححه من حديث عبد الله بن عمرو إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالفجور ففجروا

<<  <  ج: ص:  >  >>