للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنما نزل بلسانهم) (١)، وليس في ذلك إهمال لبعض نص القرآن، بل عود لأصل تنزله على حرف واحد، فقد عاد الصحابة للأصل الأول الذي نزل به القرآن، وهو لسان قريش بعد أن زال سبب التخفيف والرخصة التي أنزل الله من أجلها بقية الأحرف.

والذي دعا الصحابة إلى هذا الصنيع خوفُهم من تفرق الأمة واختلافها بسبب هذه الرخصة التي فات محلها، ووقوع الناس لجهلهم بحكمتها في المراء الذي حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه، قال ابن الجزري: "وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - على جبرائيل عليه السلام متضمنة لها لم تترك حرفاً منها .. وهذا القول هو الذي يظهر صوابه لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له" (٢).

وهكذا اجتمع المسلمون منذ الصدر الأول على القراءة بالقرآن الذي بين أيدينا، فنقل عن الصحابة بطرق لا تحصى لكثرتها، نقل منها ابن الجزري في النشر ٩٨٠ طريقاً (٣)، وهي في كل ذلك لا تختلف عن بعضها في شيء من آيات أو كلمات القرآن الكريم.


(١) أخرجه البخاري ح (٣٥٠٦).
(٢) النشر في القراءات العشر (١/ ٣١ - ٣٢)، وانظر: تفسير الطبري (١/ ٥٨ - ٥٩).
(٣) انظر: النشر في القراءات العشر، ابن الجزري (١/ ١٩٠).

<<  <   >  >>