[هل القرآن الكريم من إنشاء محمد - صلى الله عليه وسلم -؟]
قالوا: القرآن ليس وحي الله، بل هو من إنشاء محمد وإبداعه!.
والجواب: أن هذه دعوى تحتاج إلى دليل، كما أن القول بنزول القرآن من الله على النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوى تحتاج أيضاً إلى دليل، فنحن أمام خيارين: أولهما أن القرآن من كلام الله. والآخر أنه من إنشاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولو فرضنا ـ جدلاً ـ صحة الخيار الثاني، فإنا نتساءل: لماذا يؤلف مدعي النبوة هذا السِفر العظيم وتلك اللوحة البيانية المذهلة ثم ينسبه إلى غيره.
ولماذا يتحدى العالمين أن يأتوا بمثله؟ وكيف له أن يحيط بأخبار الأولين وأن يتوصل إلى علوم الآخرين؟ وكيف تنبأ بالغيوب الكثيرة التي ملأت صفحات كتابه، ومنها ما تحقق في حياته، ومنها ما يشهد وقوعه بصدقه إلى قيام الساعة.
ثم لو كتب مدعٍ ما كتاباً، فماذا ترانا نتوقع أن نجد فيه؟
لو أطلق الواحد منا خياله محاولاً تصور كتاب يكتبه مدع كاذب؛ فإنه سيجد الكثير مما ينبه العقلاء - ولو بعد حين - إلى بشريته، وأنه من صناعة إنسان، وهذا ليس بالعسير، فالبشر يكتبون بمعايير البشر وقدراتهم، ووفق أحاسيسهم ورغباتهم وعلومهم وموضوعاتهم.
إن نظرة فاحصة لآي القرآن ستنبئ عن إلهية منزل القرآن؛ إذ هو في موضوعاته يتسامى بعيداً عن اهتمامات البشر وما يجول في أذهانهم، فحديثه يدور حول موضوعات لا يطرقها البشر عادة ولا يقدرون على الإنشاء فيها، كالحديث عن صفات الله وأسمائه وأفعاله، وعن اليوم الآخر وأهواله وجنته وناره، والحديث عن التاريخ القديم والمستقبل البعيد.
وفي مقابل ذلك لا نجد أي مشاعر إنسانية يحملها القرآن في صفحاته، فلا