قال بعض من يزعم أنه من أبناء العربية: إن في القرآن أخطاء نحوية خالف فيها قواعد اللغة العربية، وهذا يدل على أنه ليس من كلام الله، لأن الله لا يخطئ، قالوا هذا حين استشكلوا بعضَ آيات القرآن؛ ورأوها على خلاف ما تعلموه في دراستهم لقواعد النحو في المرحلة الابتدائية، فظنوا أن في هذه الآيات خطأ فات الأولين، وأنهم تنبهوا له - بعبقريتهم - بعد مر القرون.
وقبل أن نعرض لأهم الآيات التي استشكلوها، نجيب بأجوبة إجمالية بين يدي البحث:
أولاً: أن العرب الذين نزل فيهم القرآن كانوا أفصح الناس، وكان فيهم أصحاب المعلقات كلبيد بن ربيعة - رضي الله عنه - الذي ترك نظم الشعر بعد سماعه للقرآن، ولم يستشكل ما استشكله أعاجم العرب اليوم، كما لم يستشكله مشركو قريش وغيرهم، رغم عداوتهم القرآن وحربهم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وحرصهم على معاداة دينه {وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً}(مريم: ٩٧)، لكنهم كانوا عرباً أقحاحاً، فعرفوا ما جهله أهل العُجمة من العرب اليوم.
ثانياً: أن اللغة في أصلها سماعية، لا قاعدية، فالعربي حين كان ينطق بالفاعل مرفوعاً، لا لأن آباءه علَّموه أن الفاعل مرفوع، بل لسليقته العربية التي نشأ عليها منذ طفولته.
لكن في القرن الثاني من بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - دخلت الفرس والروم والترك وغيرهم في الإسلام، وتكلموا بالعربية، فظهر اللحن، وضاعت السليقة، مما دعا العلماء المسلمين لوضع قواعد اللغة المعروفة عندنا اليوم، وقد وضعوها اعتماداً على مصدرين أساسين: الأول: القرآن الكريم، والثاني: ما ورد عن العرب في