قالوا: أتى القرآن بالمنكر من القول حين ذكرت آياته أن الله يضل من يشاء، والإضلال عمل مشين، فكيف ينسبه القرآن إلى الله عز وجل؟! وكيف يعذب الله بناره من أضلهم وحجب عنهم هدايته؟!
الجواب: من الضروري أن يتبين لكل أحد أنه لا يوجد كتاب امتدح الله وعظمه بمثل ما نجد في القرآن العظيم، ولكنا نؤمن أيضاً أنه ما من فعل حسن أو قبيح يجري في هذه الدنيا؛ إلا وهو واقع بمشيئة الله وإرادته، فالمسلمون يؤمنون أن الله هو المهيمن على هذا الكون، فلا رب فيه سواه، وكل ما يجري في الكون من خير أو شرور فإنما يقع وفق قدره الأزلي، فلن يعصى الله أو يطاع إلا بإرادته وعلمه، وهو تعالى وحده دون سواه خالق الخير والشر، فالمسلمون لا يقولون بقول المجوس الذين زعموا أنهم ينزهون الله عن النقائص، فجعلوا للكون خالقين، خالقاً للخير، وآخر للشر.
وعليه فإن الله هو الذي يخلق ويرزق ويحيي ويعطي وينفع ويهدي، وهو أيضاً من يميت ويمنع ويمرض ويضل، فنسبة مثل هذه الأفعال إليه لتعلقها بطلاقة قدرته وهيمنته جل وعز.
وأما مسألة تعذيب الله لمن أضله وقول القائلين بأنه مناف لعدل الله، فإنما يصدق لو كان إضلال الله للناس ابتداء، وهذا محال على عدل الله تبارك وتعالى {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(التوبة: ١١٥)، فقد خلق الناس جميعاً على الفطرة موحدين، لذا خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس فقال: «ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا .. وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به