قالوا: يعرف علماء التشريح اليوم أن القلب عضلة ضاخة للدم فحسب، وأن مراكز الإحساس والتفكير في الدماغ، بينما القرآن يؤكد أن القلوب التي في الصدور هي مركز التفكير {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}(الحج: ٤٦).
والجواب: أن ما يتعلق بمسألة علاقة القلب بالفكر مسألة علمية ما زال العلماء والأطباء يراوحون فيها بين مثبت ومنكر، وهي مسائل ظنية لم ترق إلى كونها حقيقة علمية، ومن كان هذا حاله لا ينهض للاحتجاج به إزاء الحق الذي أوحاه الله العليم بخلقه {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}(الملك: ٤).
ثم إن القرآن تحدث عن الأعين والآذان والقلوب المادية، وتحدث أيضاً عن العيون والآذان والقلوب المعنوية، وهذه الأعضاء في حال دلالتها على الهدى تكون أعضاء عاملة، وحين تتنكر للحق وترفضه فإنها تكون في حكم العدم، ولذلك وصف الله الذين لا يبصرون الحق ولا يسمعونه بأنهم {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ}(البقرة: ١٨)، فهم صم عن الحق، لا عن السماع، وهم بكم وعمي بهذه المثابة أيضاً.
وهكذا فحين يتحدث القرآن عن العيون والآذان والألسن لا يقصد الجوارح المحسوسة، وإنما يقصد ما وراءها من العقل والإدراك الإيماني، ومنه قول الله {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}(الشعراء: ١٩٣ - ١٩٤).