للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التباهي والكبر على عباد الله، يقول الزبيدي: " الكبر والتكبر والاستكبار متقاربة، فالكبر: حالة يتخصص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، وأن يرى نفسه أكبر من غيره" (١)، فمثل هذا الكبر مذموم؛ لأن البشر متساوون، فتعظم يعضهم واستكبارهم على بعضهم غير مستحق، فلحق صاحبه الذم.

كما أن من كِبر العباد ما هو ممدوح؛ كاستكبارهم واستعلائهم عن الذنوب والدنايا والخسائس، فالعاقل يتكبر ويترفع على مواقعتها، وتكبره عليها غير مذموم.

ومن الكبر غير المذموم ما يقع طبيعة؛ كاستكبار الإنسان على غيره من الحيوانات، فيرى أنه أفضل منها وأعلى، وأنه أحق بالحياة منها، وأن حياة كثير منها رهن مصلحته وحاجته، وأنه الأحق بمنافع الكون المسخر له، فاستكباره عليها وتكبره بذبحها وإهدار مصالحها ليس بمذموم؛ لأنه حقه، فإذا كان كذلك؛ فتكبر الله المنعم على عباده أولى.

سادساً: هل الله لا يعلم الأشياء إلا بعد حدوثها؟

قالوا: القرآن ينسب إلى الله أنه لا يعلم الأشياء إلا بعد حدوثها، واستدلوا بآيات، منها قوله: {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً} (الأنفال: ٦٦)، وقوله: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} (البقرة: ١٤٣).

والجواب: أن القرآن نسب إلى الله العلم المطلق بكل شيء، فهو الذي يعلم ما كان وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، والآيات القرآنية في هذا الصدد لا تكاد تحصى لكثرتها، منها قوله: {وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (البقرة: ٢٣١)، وقوله: {إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (آل عمران: ١١٩)، وقوله: {إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} (النساء: ٣٢).


(١) تاج العروس، الزبيدي (٣/ ٥١٤).

<<  <   >  >>