للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: هل الكبر صفة محمودة؟

قالوا: الكبر صفة مذمومة ينفر منها العقلاء، ومع ذلك فإن القرآن يصف الله ويسميه بالمتكبر في قوله: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (الحشر: ٢٣).

والجواب: بداية فإن الله عز وجل وصف نفسه وسماها في القرآن الكريم بأسماء وصفات الجمال والجلال {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى}، فأي اسم من أسمائه يدل على غاية في الحسن والكمال، مما يليق بجلال الله وعظمته.

وهذا المعنى يلازم صفات الله، وإن دلت هذه الصفات على غير الكمال والجلال حين تضاف إلى العباد؛ فإن الاسم في إطلاقه على الله يتعالى عن كل معنى مشين.

وقد سمى الله تعالى نفسه بالمتكبر لتعاليه وتنزهه عن كل النقائص والمعايب، قال قتادة: "تكبر عن كلّ شر" (١).

ولو تساءلنا عن معنى الكبر في لغة العرب؛ لوجدنا المرتضى الزبيدي يجيب بالقول: "الكِبر: الرفعة والشرف ... والتكبر والاستكبار: التعظم .. "، والله عز وجلَّ مستحق للرفعة والشرف والتعظم، بل له من ذلك أكمله وأتمه.

قال ابن الأثير: "المتكبر والكبير أي العظيم ذو الكبرياء، وقيل: المتعالي عن صفات الخلق، وقيل: المتكبر على عتاة خلقه .. والكبرياء العظمة والملك، وقيل هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود، ولا يوصف بها إلا الله تعالى" (٢).

وأما كِبر الإنسان فهو مذموم - بالجملة - إذا طلب فيه الإنسان ما لا يستحقه، فالناس سواسية، لا يتميز بعضهم على بعض إلا بقدر ما أنعم الله به على الواحد فيهم، فمن كان هذا حاله؛ فحقه المزيد من التواضع والصَّغار لله المنعِم، لا


(١) جامع البيان، الطبري (٢٣/ ٣٠٢).
(٢) لسان العرب، ابن منظور (٥/ ١٢٥).

<<  <   >  >>